ماذا يريد ترامب من أفريقيا؟ تحولات جديدة في السياسة الأميركية

بواسطة
أمد للدراسات
تاريخ النشر
06/30/2025
شارك المقالة

 خلال الفترة المفترضة لولاية ترامب الثانية تُلاحظ تغيّرات جوهرية في دور القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (AFRICOM)، خاصة في غرب القارة. فقد ظلّ مكافحة الجماعات الجهادية هدفًا رئيسًا، لكن السياسة الأمريكية شهدت تبدّلات في التعاطي مع الحكومات العسكرية وديناميات النفوذ الروسي والصيني. فقد واصلت واشنطن دعمها لجهود مكافحة الإرهاب في الساحل (بما في ذلك التدريب والاستخبارات والتعاون الجوي)، مع التركيز في الوقت نفسه على مواجهة نفوذ الصين الاقتصادي. ومن جهة أخرى، تراجعت حدة الاهتمام الأمريكي بمواجهة النفوذ الروسي العسكري (خاصة عن طريق “فاغنر” أو “أفريقيا كوربس”)، كما بدا أن إدارة ترامب أكثر تساهلاً مع الأنظمة الانقلابية مقارنةً بالمواقف التقليدية التي تشدّد على الديمقراطية. في المقابل، واصل البيت الأبيض النافذ سياسة “التجارة بدل المعونة”، رافضًا ميزانيات ضخمة للمساعدات الإنمائية وتحييد بعضها لصالح صفقات تجارية؛ فعلى سبيل المثال فقد حققت الإدارة تجريبيةً مبكرة 33 صفقة استثمارية بقيمة 6 مليارات دولار خلال 100 يومٍ من إدارتها الجديدة، في مقابل تقليص كبير لدور الوكالة الأمريكية للتنمية USAID وبرامج معونات مثل Millennium Challenge Corporation.

 

مواصلة الحرب ضد الجماعات الجهادية

على الرغم من هذه التحولات، ظلّت تهديدات تنظيمات القاعدة وداعش والجماعات الموالية لها مستعرة في الساحل وغرب إفريقيا. فقد شهدت دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو تصاعدًا في العمليات الإرهابية ضد المدنيين والجيش، مما حتم على واشنطن مواصلة دعم عمليات مكافحة الإرهاب – وإن تغيّرت أساليب هذا الدعم. فبعد الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية من قواعد رئيسية (مثل قاعدة 101 في نيامي وقاعدة 201 في أغاديز بالنيجر) نتيجة الانقلابات، اعتمدت القيادة الأمريكية أكثر على الدعم الجوي (طائرات بدون طيار والتدريب) ونقل الخبرات الأمنية إلى شركائها المحليين. ومع ذلك، أدت الفراغات الأمنية إلى زيادة الهجمات؛ فقد تعرّضت العاصمة المالية باماكو لهجوم كبير في سبتمبر 2024، في مؤشر على أن الإرهاب لا يزال يهدد استقرار المنطقة. ويشير تقرير للأمم المتحدة إلى أن نحو 2.7 مليون شخص نزحوا في الساحل بحلول يناير 2023 بسبب نزاعات مسلحة، منها 1.6 مليون طفل يعانون من سوء التغذية. هذه الأرقام تؤكد استمرار الحاجة الماسة لتعاون دولي وجهود تنسيق واسعة لمواجهة الأزمات الإنسانية والأمنية في المنطقة.

 

الانقلابات العسكرية وموقف أمريكا المتحوّل

اتسمت السنوات الأخيرة في غرب إفريقيا بموجة انقلابات متتابعة (مالي 2020 و2021، بوركينا 2022 مرتين، والنيجر 2023)، وقد فرضت هذه التحولات تحديًا على السياسة الخارجية الأمريكية. ففيما تعهّدت إدارتا أوباما وبايدن سابقًا بدعم المؤسسات الديمقراطية ومعاقبة الانقلابات، بدا إدارة ترامب (الفترة الثانية الافتراضية) أقل تشددًا في فرض العقوبات على الأنظمة الجديدة. فقد لاحظت تقارير استخباراتية أن AFRICOM صار يُبدي استعدادًا للتعاون مع الأنظمة العسكرية الجديدة بعد الانقلابات، مبررة ذلك بأهمية التركيز على الاستقرار ومكافحة الإرهاب. هذا التطور يشبه انطباع العواصم الغربية بأن ترامب قد يضع الأولوية للحفاظ على المعاهدات الأمنية مع الحكومات الانقلابية بشرط سلامة المصالح الأمنية، على عكس السياسة التقليدية التي تطالب بالانتقال السلمي للسلطة. ومما يدلّ على هذا التحول، أن مصالح أمريكا الأمنية في النيجر اضطرّت للتراجع سريعًا بعد الانقلاب: فقد أطاح الجنرال تشياني بالرئيس بازوم، وردت النيجر بطلب إخراج القوات الأمريكية، فلم يلبث أن أتمّ AFRICOM انسحابه العسكري المعلن منهياً الوجود القتالي، وقد أشادت القيادة الانقلابية بأن الولايات المتحدة “أخطأت بالتدخل في الشؤون الداخلية”. وفيما سهلت مثل هذه التطورات تنامي النفوذ الروسي (من خلال مرتزقة وحرس الشرف)، بقيت واشنطن حذرة من فرض استقطاب مباشر مع الحكومات الجديدة ما لم يؤثر ذلك بشكل فوري على مصالحها الأمنية.

 

التنافس متعدد الأقطاب في غرب إفريقيا

يُصاغ المشهد الراهن في غرب إفريقيا كتنافس بين ثلاث قوى كبرى ذات استراتيجيات متمايزة:

الولايات المتحدة: تستند أدواتها الرئيسية إلى القوة العسكرية والدعم الاستخباراتي والتدريب. فقد بنَت أمريكا قواعد جوية ومراكز مراقبة (كان لديها نحو 1000 عسكري في النيجر قبل 2023) وتشارك بتنفيذ ضربات جوية واستطلاع لملاحقة الخلايا الجهادية. سياسياً، ما زالت واشنطن تشترط التطبيع الديمقراطي في بعض برامجها؛ لكنها في ظل ترامب (2.0) ركّزت أكثر على تعزيز التجارة والاستثمار. فقد أطلقت مبادرات “الدبلوماسية التجارية” وحفزت رجال الأعمال الأمريكيين على إبرام صفقات في أفريقيا، مفضّلةً الشراكات الاقتصادية (33 صفقة بـ6 مليارات دولار في 100 يوم) على المساعدات الخيرية التقليدية. في المقابل، خفضت الإدارات الأمريكية المتعاقبة حجم المساعدات التنموية المباشرة في إفريقيا، وأفككت برامج مثل Millennium Challenge Corporation. بقيت أداة العقوبات موجودة ضد الانقلابات (مثلَ تجميد المساعدات لدول استولت فيها قوات عسكرية على الحكم)، لكن استخدام ترامب لها قد ينحسر إذا التزمت الأنظمة الجديدة بسياسات مكافحة الإرهاب.

الصين: تعتمد أساساً على القوة الاقتصادية واستراتيجية «عدم التدخل» في الشؤون الداخلية. استثمرت بكثافة في البنى التحتية الإفريقية ضمن مبادرة الحزام والطريق، من طرق سريعة وموانئ إلى سكك حديدية ومصانع طاقة. بنًت مشاريع ضخمة في دول غربية عديدة (مثلاً توسعة ميناء دكار بالسنغال وتمويل مطار كوماسي في غانا) نظير قروض طويلة الأجل. ويُذكَر أنها حصدت مكانة “شريك تجاري رائد” في أفريقيا؛ حيث بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة نحو 258 مليار دولار عام 2022، متجاوزاً تجارة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقد دربت الصين عشرات الآلاف من الضباط والمهندسين الأفارقة، وأبرمت اتفاقات شراكة اقتصادية واسعة بلا شروط سياسية. وبعد كل انقلاب امتنع الدبلوماسية الصينية غالباً عن إدانته، بل قدّمت مساعدات مالية أو إمدادات طبية للحكومات الجديدة دون اشتراط العودة للديمقراطية. وهذا الأسلوب جعلها تبدو كخيار جذاب لدى بعض النخب، رغم أنها تفتقر إلى وجود عسكري مباشر في المنطقة (عدا عدد قليل من الأخصائيين بالبعثات التدريبية والأعمال الإنشائية).

روسيا: تركز على القوة الأمنية والرمزية. أسهمت بوضوح في تعزيز الحكومات العسكرية الجديدة عبر كتيبات “مرتزقة فاغنر” وتأسيس فرع جديد يُدعى “أفريقيا كوربس” لتقديم الدعم العسكري التدريبي والمعدات. في مالي وبوركينا والنيجر، أعطت روسيا دعما أمنيا كبيرا (1000 مرتزق في مالي) ساعد الأنظمة الانقلابية ضد الجماعات المسلحة، لكن دون تحقيق نجاحات أمنية ملموسة. كما استخدمت موسكو أدوات ناعمة مثل حملات دعائية ضد النفوذ الغربي ومحاولات الترويج لنفسها كشريك “لا يفرض شروطًا ديمقراطية”. غير أنّ استثماراتها الاقتصادية في المنطقة كانت محدودة نسبيًا؛ فعدا عن بعض صفقات أسلحة ودورات تدريب عسكرية قصيرة، لم تنفذ مشاريع بنية تحتية كبيرة. ومع ذلك، يتيح وجود روسيا في دول الساحل استغلال موارد معدنية (نفط، ذهب) وتوسيع شبكتها اللوجستية في أفريقيا، وهو ما تخشاه أوروبا بالأساس.

فرنسا والاتحاد الأوروبي: على الرغم من كونهما قوتين تاريخيتين في المنطقة، فقد تراجع نفوذهما أخيرًا. فالجيش الفرنسي (عملية برخان) كان سابقًا الخط الأمامي ضد الإرهاب في الساحل، لكن تم طرده من مالي وبوركينا وفِي 2023 فقدت قواعدها الرئيسية. أما الاتحاد الأوروبي فقد بقي شريكًا تنمويًا (مساعدات، مساعدات إنسانية، دعم مؤسسات)، ولكنه قلل من حجم المساعدات في وجه تحدياته الداخلية؛ فقد خفضت بروكسل وباريس نحو 4.8 مليارات يورو من تمويل التنمية لأفريقيا في مطلع 2024، مما انعكس على تراجع إرادتهم في المنافسة المباشرة. ورغم ذلك، ما زالت بلدان الاتحاد الأوروبي (مثل ألمانيا وفرنسا) تزود دول الساحل بمبالغ سنوية في إطار برامج مكافحة الفقر والدعم الزراعي، وهي إحدى أوراق النفوذ المتبقية لهم.

 

أمثلة مقارنة من دول غرب أفريقيا

النيجر: كانت شريكًا أمنيًا رئيسيًا للولايات المتحدة وفرنسا قبل انقلاب يوليو 2023. استضافت قاعدة جوية أمريكية مهمة (Air Base 101) لمراقبة الجماعات الجهادية، وقدَّمت واشنطن تدريبات لقوات النيجر. بعد الإطاحة بالحكومة، استجابت النيجر لمطالب واشنطن المتصلة بالتعاون ضد فاغنر بالرد بطرد القوات الأمريكية، مما أدى إلى انسحاب سريع لـ AFRICOM. في المقابل، سمحت النيجر لروسيا بنشر مرتزقة Africa Corps لتدريب الجيش، مما عزّز النفوذ الروسي عسكريًا. أما الصين فقد وقَّعت مع النيجر صفقات نفطية كبيرة (5 مليارات دولار لتطوير آبار نفطية)، وابتعدت عن السياسة الأمريكية الانفعالية إزاء الانقلاب. بالمحصلة، النفوذ الأمريكي تراجع بوضوح بعد الانسحاب، بينما النفوذ الروسي نما بشكل رمزي (حضور الميليشيات والتصريحات الإعلامية)، وظلّ النفوذ الصيني قوياً اقتصادياً رغم البقاء خارج دائرة الصراع المباشر.

مالي: عانت من اضطرابات أمنية مركبة، حيث شهدت انقلابَيْن (2020 و2021) وأُخرجت القوات الفرنسية من البلاد. ثم لجأت الحكومة الانتقالية إلى روسيا (فاغنر) كحل بديل؛ فقُدّمت تدريبات عسكرية وعتاد أمني. بفضل ذلك استولى فاغنر على دور رئيسي في الحماية الأمنية للحكام الجدد، بينما تقلّصت الموارد الفرنسية والأمريكية المشاركة في البلاد. الصين من جانبها موّلت بعض المشروعات الصغيرة (طرق وإنارة) لكنها لم تعلن كفاحًا عسكريًا؛ فهي تركز على الرعاية الدبلوماسية والمشاريع الاقتصادية. وفي ظل هذا المشهد، تواجه مالي تحديات أمنية متصاعدة، يعكسها الهجوم الأخير على ثكنة في باماكو مما يدل على محدودية نجاح كل من الدعم الغربي السابق والروسي الحالي في القضاء على الإرهاب.

بوركينا فاسو: طوّرت سلسلة انقلابات (2022) علاقات وثيقة مع روسيا أيضًا، فدُفع بفاغنر لتقديم الدعم الأمني والمشورة العسكرية. استجابت نيروبي لمطالبها بالمزيد من الصفقات العسكرية من موسكو، بينما غادرت فرنسا البلاد (الربع الثاني 2022) وقلّصت الولايات المتحدة وجودها تدريجيًا. على الصعيد الاقتصادي، تلقت بوركينا مساعدات صينية (مشروعات طرق ومصانع طاقة)، ومساعدات أوروبية محدودة ضمن برامج مكافحة الفقر. وتبقى بوركينا نموذجًا لكيفية انتقال النفوذ تدريجيًا نحو روسيا في ظل ضعف الغرب، في حين تستغل الصين استقرارًا نسبيًا للصفقات الاقتصادية.

السنغال: تتميّز باستقرارها الديمقراطي النسبي، فاحتفظت بعلاقات جيدة مع القوى الغربية والإقليمية. فالولايات المتحدة تدعم السنغال بمساعدات تنموية وصحية (مثل مكافحة الملاريا والإيدز)، ولها تعاون أمني محدود (تدريب قوات). بالمقابل، أصبحت الصين من أكبر الشركاء الاقتصاديين؛ فقد بنت مشاريع كبيرة في البنية التحتية (ميناء دكار الجديد الذي يربط قارات، وتمويل مطار داكار) وأبرمت اتفاقات للتنقيب عن المعادن. روسيا، بينما، ليس لها وجود عسكري بارز في السنغال، وقد اقتصرت أنشطتها على الأسلحة الخفيفة والزيارات الدبلوماسية. عموماً، السنغال مثال لدولة استفادت من التنافس: فقد تلقت مضاعفات من الاستثمارات الصينية، وحافظت على الدعم التنموي الأمريكي/الأوروبي، مع دور دفاعي فرنسي محدود بعد انسحاب بعض القوات الفرنسية من عواصم مجاورة.

غانا: وهي ديمقراطية مستقرة أيضًًا، تعتبر هدفًا رئيسًا للولايات المتحدة (شريك في مبادرة Power Africa، وحلقة وصل تجارية ضمن AGOA). ضخت الصين الكثير من رؤوس المال في غانا أيضاً (محطات توليد طاقة، وتوسيع شبكة الاتصالات، وتسوية الديون القديمة). أما روسيا، فكان تواجدها محدودًا في صورة بعض صفقات الأسلحة القديمة والدعم اللوجستي (دبابات، مدفعية). وبالمثل للسنغال، تستفيد غانا من تشابك النفوذ: التجارة والاستثمار الصيني، والتعاون الأمني والتنمية الأمريكية/الأوروبية، مع حرص على عدم الفساد والاستقرار الديمقراطي الذي يفضل استمرار الشراكات الغربية.

 

التقييم: من يكسب السباق ولماذا؟

إذاً، من منظور المؤشرات النوعية والكمية يتقدّم النفوذ الصيني اقتصاديًا وأحيانًا سياسيًا في غرب إفريقيا. فقد تجاوزت تجارة الصين مع القارة مستوى الـ250 مليار دولار في 2022 وجذبت استثمارات مباشرة كبيرة مقارنة بنظيراتها. وفي العام 2023، بينما بلغ الاستثمار الأمريكي المباشر إلى إفريقيا 7.79 مليار دولار، لم تتجاوز استثمارات الصين 3.96 مليار، لكن الولايات المتحدة ركّزت على قنوات محدودة (شركات أمريكية خاصة) بعد تقليص المساعدات الحكومية. بيد أن التأثير الصيني يظهر جليًا في مشاريع البنية التحتية الشاملة والمبادرات الجديدة للغاز والكهرباء، ما يضع بكين في موقع ريادة اقتصادية تجذب حكومات تحتاج إلى تمويلات ضخمة دون شروط ديمقراطية. أما في المنحى الأمني والعسكري، فالولايات المتحدة كان لها اليد العليا تاريخيًا (مع قاعدتيها في النيجر والمغرب وغيرها)، لكن انسحابها المفاجئ من الساحل وترك الحقول لمنافسين أعاد تشكيل التوازن. فقد سُمح لموسكو ببث قواتها في مالي والنيجر، وربما تبقي واشنطن بعض التأثير غير المباشر عبر الاستشارات ورقابة التسلح. روسيا بدورها حققت انتصارات رمزية بالهلال الأمني (إبعاد فرنسا، وتجنيد تحالف دولي محدود)، لكنها لم تؤمّن استقرارًا حقيقيًا؛ فالمنطقة تشهد مزيدًا من العمليات الإرهابية. وبالمثل، فقد تضاءل أثر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الميدان منذ 2023؛ فالبرلمان الأوروبي أقرّ خفض تمويلات التنمية (4.8 مليار يورو اقتُطعت من ميزانيات 2024) مما قلل مواردها للتأثير طويل الأمد. بناءً عليه، يمكن القول إن الصين تسير اليوم في الصدارة نسبياً من حيث الحضور الاقتصادي والدبلوماسي (القروض والمشاريع ونقص الشروط السياسية)، بينما تتراجع الولايات المتحدة عسكريًا في الساحل لكنها تحاول تعويض ذلك عبر النفوذ التجاري الموجه. أما روسيا، فقد اكتسبت موطئ قدم بفضل دعمها العسكري للنظم الجديدة، لكنها لم تقدّم حتى الآن حلولًا شاملة للأزمة الأمنية، فتعتمد على تسعير طويل المدى لمصالحها (قد تهدد أوروبا). وفي المقابل، ما زالت فرنسا والاتحاد الأوروبي يمتلكان رأيًا عامًا ومستثمرين في المنطقة، لكنهما يكافحان للحفاظ على مستوى النفوذ التقليدي وسط تشتّت الاهتمام.

 

خلاصة القول: على الرغم من الاختلافات الواضحة في الأدوات والأساليب، تتقاسم القوى الكبرى (الولايات المتحدة، الصين، روسيا) ملعبًا واحدًا في غرب أفريقيا. يظهر التقدم الحالي لصالح الصين في المجال الاقتصادي، مقابل تراجع تشهدْه الولايات المتحدة في النفوذ الأمني المباشر (مما يجعلها تلجأ أكثر إلى التجارة الدبلوماسية). روسيا قدمت ذاتها بديلًا أمنيًا لأنظمة مضطربة، ولكن من دون توفير استقرار ملموس. ومع ذلك، فإن النتيجة النهائية لما يُسمّى بـ«المنافسة متعددة الأقطاب» في غرب أفريقيا ستعتمد على قدرة كل قوة على تقديم بدائل حقيقية لمطالب دول المنطقة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية – وهو ما سيحدد “من يتقدم فعليًا ولماذا” في المستقبل القريب.

 

شارك المقالة
مقالات مشابهة