تركيا تتصالح مع الأكراد: كيف بدأت المشكلة وهل انتهت؟

بواسطة
أمد للدراسات
تاريخ النشر
03/07/2025
شارك المقالة

مدخل تاريخي 

 

تُعد القضيةُ الكردية واحدةً من أخطر القضايا السياسية والاجتماعية والأمنية التي شهدتها تركيا على مرِّ العقود، وتعود جذورُها إلى أوائل القرن الماضي، مع اتفاقية سايكس بيكو ١٩١٦م التي قسمت المنطقة بناء على الجغرافيات الحديثة، واتفاقية لوزان 1923التي أعقبت انتصار تركيا على اليونان فألغت ما حصّله الأكراد في اتفاقية سيڨر 1920 من اعتراف لهم بهويتهم وكيانهم، وأعقب ذلك حزمة من سياسات التهميش، منها حَظْرُ اللغة الكردية، وإصدار قانون حفظ النظام في عام 1925، وبموجبه تم مواجهة كل تمرد أو انتفاضة بداية من انتفاضة الشيخ سعيد بيران، كما تم قَمْعُ كافة المحاولات التي وقعت بعده.

تأسس حزب العمال الكردستاني (PKK) عام 1978، وانخرط في هجمات مسلحة ضد الدولة التركية في عام 1984 برئاسة عبد الله أوجلان الذي قاد أطول حركة تمرد وعنف شاملة في تاريخ الجمهورية، فشهدت حقبة الثمانينات والتسعينات، أكثر فترات الصراع الدموي بين الدولة التركية وبين عناصر حزب بي كاكا، وقد أدى هذا الصراعُ إلى مقتل عشرات الألوف وإلى معاناة إنسانية كبيرة وخسائر اقتصادية بمئات المليارات من الدولارات، ومشكلات اجتماعية عميقة، وفي عام 1998 اعتُقل زعيم الحزب عبد الله أوجلان، وتم جلبه إلى تركيا، وتم حبسه في سجن جزيرة إمرالي ولا يزال يقبع في محبسه حتى اليوم.

لم تمانع الحكومات التركية المتعاقبة من إجراء مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني، فقد قام تورجوت أوزال بإصدار عفوٍ عن السجناء الأكراد شَمِلَ الآلافَ منهم، وألغى الحظر عن الموسيقى والغناء باللغة الكردية، كما أجرى مفاوضات غير مباشرة بين الدولة وبين حزب البي كاكا في 1993، إلا أنها توقفت بوفاة أوزال دون إبرام اتفاق.

 

محاولات التسوية في عهد أردوغان

 

1- في عام 2002 الذي وصل فيه حزب العدالة والتنمية إلى السلطة تم رفع حالة الطوارئ عن المناطق ذات الأغلبية الكردية في الشرق والجنوب الشرقي لتركيا، كما صرح أردوغان بوجود “مشكلة كردية” في تركيا، ووعد بالعمل على حلها.

2- قامت حكومته بحزمة إصلاحات دستورية وقانونية، فتم السماح باستخدام اللغة الكردية في التعليم والإعلام والمحاكم، كما تم تغليظ العقوبات القانونية على جرائم الكراهية وجرائم التمييز على أساس الدين والعرق والمذهب، كما تم فتح قناة تلفزيونية رسمية ناطقة بالكردية.

3- في 2009 وبعد سلسلة إصلاحات ديمقراطية وسياسية تتعلق بالأكراد، تم التقدم في مفاوضات تقضي بإقرار حقوق سياسية وثقافية إضافية للأكراد مقابل إلقاء السلاح وخروج عناصر حزب العمال من تركيا، لكن مع الأسف تم الكشف عن المسار التفاوضي الذي أدارته المخابرات التركية مع حزب أوجلان، وقد ترتب على كشفه الاستهداف القانوني لرئيس المخابرات السابق السيد “هاكان فيدان”، وكان وراء هذا الاستهداف جماعة فتح الله كولن، فتوقف المسار دون الوصول إلى تسوية.

4- وبعدها بسنوات بدأت مفاوضات جديدة غير معلنة بين الدولة وبين حزب العمال، جوهرها أن يلقي الحزب السلاح ويوقف عملياته الإرهابية، مقابل إصلاحات تقوم بها الحكومة على قاعدة المواطنة والتساوي في الحقوق والواجبات.

ودعا عبد الله أوجلان في عام 2013  من محبسه إلى وقف العمليات العسكرية ضد الدولة.

5- في عام 2015 أجريت الانتخابات البرلمانية التركية وحصد حزب الشعوب الديمقراطي 80 مقعدا برلمانيا، وفتحت أمامه آفاق جديدة، لكن قيادة الحزب أخفقت في حصد ثمار النجاح الانتخابي ورفضت الدخول في ائتلاف حكومي وفضلت التحالف مع المعسكر المعروف بتشدده تجاه القضية الكردية، رغبة في إنهاء حكم العدالة والتنمية، فقرر أردوغان الدعوة إلى انتخابات مبكرة نجح فيها حزبه في استعادة الأغلبية التي مكنته من تشكيل الحكومة منفردا، في حين خسر حزب الشعوب الكثير من مقاعده، ثم تطورت الأمور سلبا ووُجِّهتْ تهم قانونية منها العلاقة بالإرهاب إلى رئيسه صلاح الدين دميرطاش وحكم عليه بالسجن وما زال قابعا في محبسه حتى الآن.

6- أعيد مسار التفاوض مرة أخرى في نفس العام 2015 وكرر أوجلان دعوته لإلقاء السلاح، وتم التوصل إلى نقاط عشر كان يفترض أن توقعها الحكومة مع حزب الشعوب الديمقراطي، إلا أن هذه المفاوضات انتكست كسابقتها لأسباب أهمها التطورات التي حدثت في الثورة السورية ونجاح المجموعات الكردية السورية في الإعلان عن 3 مناطق حكم ذاتي في شمال سوريا، ما فتح الأمل أمام حزب العمال في أن يحذو حذوهم، فأعلن العودة إلى القتال المسلح وأعلن الإدارة الذاتية في مناطق التمركز الكردي في تركيا، وخاض حرب مدن وشوارع ضد الدولة، وهو ما قابلته الدولة التركية بحزم حيث أعلنت عن سياسة الحرب الاستباقية وتجفيف المنابع للقضاء على الإرهاب، وهاجمت المجموعات المسلحة في ثلاثة مناطق، في شرق وجنوب شرق تركيا، وفي شمال سوريا، وفي جبال قنديل في العراق.

ومن المهم ألا نغفل تأثير المد القومي في تركيا في تلك الفترة الأخيرة، وتأثير تحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم مع حزب الحركة القومية في إيقاف مسار التفاوض نظرا لتشدد القوميين في هذا الملف.

 

نداء بهتشلي

 

 في أكتوبر 2024 ، أعلن دولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية مبادرته الاستثنائية بعنوان “تركيا بلا إرهاب” ، ويصنفها البعض بأنها  “مبادرة الائتلاف الحاكم”، ودعا فيها حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحل الحزب، وإلى السماح لزعيمه أوجلان بإلقاء كلمة في البرلمان التركي أمام الكتلة النيابية لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني.

وقد ذهب بهتشلي إلى نواب الحزب الكردي وصافحهم فردا فردا، في إشارة إلى الرغبة في فتح صفحة جديدة، وجاء رد فعل الحزب مرحبا بدعوة بهتشلي مناديا ب (تأسيس السلام) مشترطا رفع حالة العزل عن أوجلان والسماح بالتشاور معه في سجنه، كما أيّد صلاح الدين دميرطاش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي من محبسه دعوة بهتشلي، كما كتب أوجلان من سجنه أنه (يمتلك القوة لسحب هذا المسار من أرضية الصراع والعنف إلى أرضية قانونية وسياسية، إذا ما توفرت الشروط لذلك) ، كما اجتمع قادة حزب الديمقراطية والمساواة بين الشعوب بعد السماح لهم بزيارة أوجلان في محبسه، مع دولت بهتشلي ونعمان كورتولمش رئيس البرلمان، وتزامن مع ذلك أن أعلنت الحكومة عن خطة لتنمية مناطق التمركز الكردي بتكلفة 14 مليار دولار، وتنفيذ 200 مشروع للتنمية في قطاعات الزراعة والري والسياحة، وخلق 570 ألف فرصة عمل لهم في 3 سنوات وحتى 2028.

  • في اليوم التالي لدعوة بهتشلي حدث هجوم إرهابي على شركة توساش لصناعة الطيران والمسيرات، وفي حين أدان حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية الهجوم، اعتبر نائب رئيس حزب الحركة القومية، فتحي يلدز أن “الخطاب التاريخي الذي قدمه السيد دولت بهتشلي قبل يومين أفسد خطط الإمبرياليين وجعلهم يتخبطون لدرجة أنهم أرسلوا قتلتهم المأجورين علنًا في النهار لمهاجمة شركة توساش في أنقرة”، إذن هي محاولة استباقية من أطراف خارجية وداخلية لإجهاض المسار التفاوضي المتوقع.

دعوة أوجلان

في السابع والعشرين من فبراير 2025  أخرج أوجلان رسالة بعنوان: ( دعوة للسلام والمجتمع الديمقراطي) نقلها للإعلام قيادة حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، وفيها نداء تاريخي لحل الحزب وفك التنظيم وإلقاء السلاح، وانتهاج العمل السياسي، ووجه قيادة حزبه للدعوة إلى عقد المؤتمر العام للحزب، وإعلان حل الحزب، وإلقاء كل المجموعات السلاح، للتكامل مع الدولة والمجتمع، وأعلن تحمله للمسئولية الكاملة عن الدعوة، وأن حزبه تأسس في ظروف مختلفة ومغايرة تماما؛ حيث الحرب الباردة وإنكار الحقيقة الكردية، وانسداد مسارات العمل السياسي، والحظر على الحريات، وهي عوامل انتهت وظروف تغيرت، مما جعل الحزب فاقدا للمعنى بعد أن استنفد عمره وبات حله ضروريا.

وهذا نص كلامه: “ولد حزب العمال الكردستاني على أرضية القرن العشرين، الذي كان القرن الأكثر عنفاً في

وأعلن أوجلان تفنيد المطالب التاريخية السابقة لحزبه فأوضح أن الحلول من قبيل الدولة القومية المنفصلة، الفيدرالية، الإدارات الذاتية، الحلول الثقافوية لن تجد استجابة من الشعب وفق سيرورة الاجتماع السياسي التاريخية، ما يجعل الديمقراطية والعمل السياسي حلا وحيدا ولازما على ما جاء في الرسالة.

 

البيئة المحلية والإقليمية والدولية

 

1- نجحت تركيا في تحجيم حزب العمال فمنعت وصدت الكثير من هجماته وأضعفته وقوضت إمكاناته وحاصرت وقللت كوادره، وبات من الواضح أن الدولة قدَّرت أن الظرف أصبح مناسبا لتسوية حقيقية للملف الكردي، فتعاونت في ترتيب زيارة وفد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب لأوجلان في محبسه، ثم سمحت باجتماع الوفد الزائر مع رئيس البرلمان ومع قادة الأحزاب ومنها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وسمحت له بنقل رسالته عبر الإعلام، ورحب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية “افكان آلاء” بالدعوة التي جوهرها “إلقاء السلاح وحل التنظيم الإرهابي”، كما رحبت بعض أحزاب المعارضة بخطوة أوجلان في حين هاجم الحزب الجيد وحزب الظفر تلك الخطوة.

2- أعلن حزب العمال الكردستاني موافقته على نداء زعيمه التاريخي أوجلان لحل نفسه وإلقاء السلاح، وأعلن وقف عملياته بدءا من يوم الإعلان، ودعا لتوفير  البيئة الآمنة لعقد المؤتمر، وأكد على أهمية السياسة الديمقراطية والأرضية القانونية من أجل السلام، وأكد رغبته أن يتولى أوجلان بنفسه توجيه وإدارة المؤتمر، ولسان حالهم أنهم يطلبون إطلاق سراحه لتنفيذ الأمر وهو ما يعد تفاوضا مبطنا معلنا.

3- كما دعم كل من رئيس إقليم كردستان العراق ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني النداء الصادر من أوجلان، ودعمته دولة العراق، كما ثمن النداء قيادة قسد في الشمال السوري وهو ما يشير إلى بيئة إقليمية داعمة للتسوية.

4- يعتقد الكثيرون أن هذا النداء ليس مناورة سياسية ولا صفقة انتخابية، وأنه بالفعل ناتج عن مراجعات فكرية وسياسية قام بها أوجلان، الذي لم يشترط شيئا على الدولة، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها عن قناعات ومراجعات جديدة، يتضح منها تراجع المنسوب القومي واليساري في طرحه الفكري والسياسي لحساب المنسوب الديمقراطي والثقافي.

كما يرون أن أوجلان كقائد تاريخي للحزب ما زال هو الزعيم صاحب الكلمة المسموعة بسبب تاريخه وتضحياته، وأنه ما زال يحظى بالشعبية الأكبر والمركزية الأهم داخل تيارات حزبه، وأن الدولة تستطيع أن تعزز مركزه لو سمحت له بالخروج لمباشرة تنفيذ مبادرته بنفسه، وأنها بذلك تكون قد مكنته ووفرت له أسباب النجاح، وساهمت في دحض مقولات منها أنه أسير والأسير لا قرار له، وأنه معزول أو غير ملم بالمتغيرات .. إلخ.

 

السياق الإقليمي والدولي :

 

لا شك أن سقوط نظام الأسد على يد الثورة السورية التي دعمتها تركيا قوّى مركز تركيا ورسخ مكانتها، كما أن النظام السوري الجديد متفق مع تركيا على أهمية وحدة السلاح داخل الدولة وعدم السماح لقسد والقوات الكردية بحمل السلاح أو استغلال الأرض السورية لمهاجمة تركيا، كما أن مجيء ترامب بقناعاته القديمة ورغبته في سحب قواته من سوريا، وعن رفع يده عن دعم الأكراد في شمال سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة وضعف تأثيره يعد متغيرا إيجابيا في البيئة الدولية، وإن بقي رأي آخر في البنتاجون والخارجية والكونجرس الأمريكي يرغب في بقاء التواجد الأمريكي في سوريا وفي استمرار دعم قسد.

 

مصالح تركيا في تسوية الأزمة الكردية:

 

1- تقويض الأنشطة الإرهابية، والحفاظ على حياة مواطنيها، ومنع استهداف السياحة، وتوفير مئات المليارات من الدولارات التي تنفق على الدفاع وتأمين المدن والشوارع وعلى استهداف المقاتلين على حدودها.

2- المصالحة ضرورة استراتيجية لمواجهة تحديات داخلية وخارجية إقليمية ودولية،

ولتفادي الضغط الخارجي الذي تمارسه الدول الخارجية عامة، وإسرائيل خاصة من خلال دعم الأقليات العرقية كحزب العمال الكردستاتي في استهداف تركيا.

3- تقوية الجبهة الداخلية والحفاظ على التماسك المجتمعي.

4- النجاح في عمل دستور جديد، وهو ما يساعد فيه نواب حزب الديمقراطية والمساواة بين الشعوب وعددهم 57 نائبا، بحيث يستطيع التحالف الحاكم معهم إكمال بل تجاوز العدد المطلوب لتمرير وإقرار الدستور الجديد.

5- التغلب على تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الذي ظهر في انتخابات البلديات السابقة، بفك الاحتقان الكردي وانتشال الكتلة التصويتية لهم من التحالف مع حزب الشعب الجمهوري.

6- تركيا تتخوف من احتمال توسع الحرب على غزة وإمكانية تحولها إلى حرب إقليمية، وتعلم أنها مستهدفة من قوى خارجية تستخدم الورقة الكردية في استهداف تركيا، ولذلك ترى أن غلق ملف العمليات الإرهابية من شأنه أن يقوي مركز تركيا إقليميا ودوليا.

7- تتوجس تركيا من الدعم الأمريكي لليونان وقبرص ومن احتمال أدائهما دورا في أي تصعيد إقليمي في شرق المتوسط وبحر إيجه.

 

مصالح العمال الكردستاني :

١- حقن الدماء.

٢- الاعتراف بالهوية وتشريع القوانين التي تحمي التنوع.

٣- إطلاق سراح السجناء ووقف المداهمات والاعتقال وإنهاء ملف القمع، وخروج أعضائه من قوائم الإرهاب.

٣- التمتع بالحرية السياسية والثقافية وحقوق المواطنة ورفع القيود عن العمل السياسي.

٤- السلم المجتمعي، والعيش الطبيعي داخل الدولة.

 ٥- تنمية المناطق ذات الأغلبية الكردية.

6- الإفلات من السقوط بعد الضعف الشديد الذي حل به، والتعاطي الجيد مع  الديناميات الإقليمية التي ساهمت في تسوية القضية الكردية.

 

العقبات والتحديات

1- الضبابية وعدم الوضوح في المطلوب من الدولة مقابل حل الحزب ووقف العمليات وإلقاء السلاح، وعدم وضوح التفاصيل والشروط وآليات اتخاذ القرار داخل حزب العمال تبعا لتوازن القوى بين التيارات المتنافسة داخله.

2- مدى استجابة التيارات الكردية المتعددة لنداء أوجلان، واحتمال عدم استجابة البعض وحدوث اختلاف بين أوجلان وقادة حزبه في جبال قنديل وشمال شرق سوريا وفي الشتات الأوروبي، واحتمال حدوث انقسامات وانشقاقات داخل الحزب.

3- انخفاض منسوب الثقة في أي مسار تفاوضي جديد، بسبب فشل المسارات السابقة، وبسبب تعقد العلاقة بين طرفي المعادلة التفاوضية.

4-هناك أطراف دولية مثل فرنسا، وإقليمية مثل إسرائيل أو إيران قد لا ترى من مصلحتها حدوث مصالحة في تركيا، وبالتالي قد تلعب أدوارا سلبية في إفشال المبادرة، كما أن بعض خيوط القضية تتأثر بالخارج وتحركه تفاعلات إقليمية ودولية.

5-التحديات الخاصة بالقدرة على تنفيذ الاستحقاقات الدستورية والقانونية والسياسية المستحقة دونما حدوث مشاكل سياسية وشعبية كبيرة.

 6-ما يشاع عن الظروف الصحية الحرجة لزعيم حزب الحركة القومية الراعي المعلن للمبادرة، وما قد يترتب عليها من غيابه مع صعود قيادة جديدة لحزبه من القوميين المتشددين في الشأن الكردي.

 

من المتوقع أن ينعكس نجاح المصالحة في تركيا إيجابيا على الساحات الكردية المتعددة :

1- في سوريا : إذا تخلت أمريكا عن دعم قسد، وأصرت الإدارة السورية الجديدة على وحدة السلاح داخل الدولة، والتفاهم والشراكة بينها وبين تركيا في ذلك، كل ذلك سيزيد من فرص حل مشابه في سوريا.

2- في العراق : يتوقع أن تعود المصالحة على إقليم كردستان العراقي بالاستقرار والأمان ولاسيما في القرى الحدودية التي تضررت كثيرا بسبب القتال الذي دار على أرضهم.

3- في إيران : إما  أن يسفر نجاح المصالحة عن تقوية فرص القيام بمصالحة مشابهة في إيران، أو ستقع إيران في المزيد من الحرج.

 

والخلاصة؛ يبدو أن الفرصة باتت مواتية وسانحة كما لم تسنح من قبل، لإنجاح خطوة المصالحة الكردية، هذه الخطوة التي سيترتب عليها الكثير والكثير بالنسبة لتركيا، استراتيجيا وسياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا، وأرى أن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية تصب في خانة إنجاح المبادرة، كما أن نجاح الدبلوماسية التركية في ملفات متعددة، في الصومال وفي سوريا وفي غيرها من الدول، جعلها متحمسة ومتشجعة لإنجاح خططها الداخلية في اجتياز هذه العقبة الكبيرة التي أثرت سلبا على  الدولة التركية، كما جعلها متفائلة تجاه التغلب على كافة العقبات والتحديات، مستفيدة من أخطاء الماضي، مستعينة بالبرلمان وبالأحزاب وبالمعارضة وبالمجتمع بحيث تتضافر الجهود لإنجاز تاريخي.

شارك المقالة
مقالات مشابهة