منذ نهاية الحرب الباردة، أصبحت منطقة القطب الشمالي، خالية من الصراعات الجيوسياسية. لكن مع صعود الرئيس فلاديمير بوتين إلى السلطة في عام 2000، زاد اهتمام موسكو بالمنطقة القطبية الشمالية لتصبح من أولويات السياسية الخارجية لروسيا.
انضمت فنلندا والسويد إلى حلف الناتو بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022. وانضمت دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) قبل 20 عاماً؛ لأنها كانت تخشى التوسع الروسي.
صراعات نووية في الجليد
شكّل القطب الشمالي منذ فترة طويلة ساحة محتملة للحرب، وخاصة الحرب النووية، حيث ترتكز الغواصات الأميركية والروسية هناك بصواريخ باليستية عابرة للقارات، وتعمل كرادع نووي استراتيجي.
معظم الأصول النووية الاستراتيجية لروسيا، تتركز في شبه جزيرة كولا في القطب الشمالي ويعتبربحر بارنتس، بمثابة ممر يتمكن من خلاله أكبر أسطول روسي من الوصول إلى محيطات العالم.
ترقب للثروات المختبئة تحت الثلج
قال قائد قوات الأسطول الأميركي أن حوض القطب الشمالي يحتوي على 13% من احتياطيات النفط غير المكتشفة في العالم، و30% من الغاز الطبيعي غير المكتشف، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية لعام 2012.
ويعني ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي، أن هناك المزيد من الفرص لاستخراج المعادن مثل البلاديوم والكوبالت والنيكل المطلوبة في صناعات التكنولوجيا المتقدمة والتي تقدر بنحو تريليون دولار.
يمثل القطب الجنوبي أيضا سبباً للصراعات المحتملة في المستقبل القريب، لاحتوائه على 70% من احتياطي العالم من المياه العذبة، وسيؤثر ذوبانها بشكل مباشر على مستوى سطح البحر.
روسيا تعزز أنشطتها العسكرية والبحثية في القطب
على مدى العقد الماضي، قامت روسيا بتوسيع وتحديث 7 قواعد عسكرية و14 مطاراً، و16 ميناء للمياه العميقة، و14 كاسحة جليد موجودة في جميع أنحاء القطب الشمالي.
يتألف الأسطول الشمالي الروسي المتمركز بالقرب من القطب المتجمد من نحو 12 غواصة هجومية تعمل بالطاقة النووية.
في السنوات الأخيرة، أعادت روسيا أيضاً احتلال قواعد قديمة في القطب الشمالي تعود إلى حقبة الحرب الباردة.
تجري البحرية الروسية أبحاثاً هيدروغرافية في المنطقة، والتي يمكن استخدامها لملاحة الغواصات، كما تقوم بإجراء أبحاث فضائية لصالح شركة روسكوزموس المملوكة للدولة.
استراتيجية أمريكية للقطب الشمالي
في يوليو الماضي، أصدرت “البنتاجون” نسخة محدثة من استراتيجيتها للقطب الشمالي وتشمل تدريبات عسكرية مشتركة مع حلفائها وتقديم أكثر من 250 طائرة مقاتلة في القطب الشمالي بحلول 2030.
في سبتمبر 2024، وافقت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ على ترشيح مايكل سفراجا، الخبير الجغرافي، كسفير متجول للولايات المتحدة في المنطقة القطبية الشمالية لتعزيز المصالح الأميركية في المنطقة.
في العام الماضي، أعلن وزير الخارجية الأميركي افتتاح محطة في مدينة “ترومسو” في أقصى شمال النرويج.
تمتلك الولايات المتحدة حالياً قاعدة جوية واحدة، وهي قاعدة ثول الجوية، الواقعة في شمال جرينلاند. وفي عام 2017، استثمرت 40 مليون دولار في تحديثها وتتميز بموقع فريدأ، حيث تقع بين واشنطن وموسكو.
تفوق روسي على الغرب
تدير روسيا قواعد عسكرية في القطب الشمالي أكثر بثلث ما تديره الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مجتمعين.
يقول الخبراء إن البصمة العسكرية للغرب في القطب الشمالي تتأخر بنحو 10 سنوات عن البصمة الروسية.
الحلم الصيني …طريق الحرير القطبي
أعلنت الصين في عام 2018 أنها من الدول القريبة من القطب الشمالي بسبب تأثير التغيرات في بيئة القطب الشمالي على بيئة الصين.
ازداد الاهتمام الصيني بمنطقة القطب الشمالي بسبب مواردها الطبيعية، والرغبة في فتح طريق جديدة للشحن تمر عبر المياه القطبية الشمالية، وتؤدي إلى المحيط الأطلسي وهو ما أسمته بطريق الحرير القطبي.
أرسلت الصين سفناً بحرية إلى القطب الشمالي في زيارات ودية. كما قامت ببناء أول كاسحة جليد محلية الصنع وتسعى للاستثمار في كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية أيضاً.
أكملت الصين الشهر الماضي، بناء قاعدة بحثية ضخمة في منطقة نفوذ تطالب بها أستراليا في القطب الجنوبي. وعلى الرغم من تأكيد بكين على أن المحطة تلتزم بقواعد معاهدة أنتاركتيكا، إلا أن بعض الخبراء يقولون إن نمط الصين في بناء محطاتها يثير التساؤلات.
في فبراير من العام الماضي، أعلنت الصين عن خطط لبناء منشآت أرضية جديدة في القارة لدعم عمليات الأقمار الصناعية والتي تعد بديل بكين لنظام الـ GPS، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة.
تجاهل معاهدة أنتاركتيكا
تنص معاهدة أنتاركتيكا، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1961، على حظر النشاط العسكري، وكذلك التنقيب عن المعادن. وقد صادقت عليها 50 دولة، بما في ذلك روسيا والصين والولايات المتحدة.
رغم ذلك، قادت البحرية الروسية، بعثات أوقيانوجرافية إلى المحيط الجنوبي، مثل بعثة الأدميرال فلاديميرسكي، ما يثير مخاوف من أن هذه الرحلات تتجاوز أغراض البحث العلمي.
عملت روسيا والصين مؤخراً على عرقلة التوصل إلى اتفاق دولي لإنشاء مناطق محمية جديدة في القطب الجنوبي، الأمر الذي كشف عن نواياهما لاستخدام المنطقة لدوافع خفية.
أهم المحطات الدولية في القطب الجنوبي
فوستوك
هي محطة أبحاث روسية تقع في القارة القطبية الجنوبية. أسسها الاتحاد السوفيتي في عام 1957. وتعد واحدة من أكثر محطات الأبحاث عزلة في القارة القطبية الجنوبية.
ماوسون
هي محطة أسترالية ومن أقدم القواعد في المنطقة، تم إنشاؤها في فبراير 1954. وتقع على موقع منعزل من الصخور الساحلية في ميناء هورسشو.
ماكموردو
محطة ماكموردو التابعة للولايات المتحدة أكبر قاعدة بحثية بل أكبر مجتمع في القطب الجنوبي وتعمل على مدار العام ويزيد عدد مبانيها عن 80 مبنى.
كونكورديا
يتم تشغيلها بشكل مشترك من قبل فرنسا وإيطاليا.
القائد فيراز (البرازيل)
تقع هذه القاعدة البرازيلية على طول خليج أدميرالتي في شبه جزيرة كيلر وقد أعيد تحديتها في عام 2012.
هالي السادسة
تقع في أقصى جنوب محطات أبحاث القطب الجنوبي التابعة للهيئة البريطانية لمسح القطب الجنوبي، وهي أيضاً أول منشأة بحثية قابلة للنقل في العالم.
أمد للدراسات – الشرق بلومبرج