لا تزال قضية الصحراء الغربية إحدى أبرز بؤر التوتر في شمال أفريقيا، وهي اليوم محور صراع جيوسياسي محتدم بين المغرب والجزائر حتى بواكير هذا الشهر يونيو 2025، حيث بدأ باعتراف المملكة المتحدة بالاصطفاف مع المملكة المغربية ودعم رؤيتها للحكم الذاتي، ما عُدّ انتصارًا دبلوماسيًا للرباط. وتعود جذور النزاع إلى مخلفات الاستعمار وإلى حقبة الحرب الباردة، لكنه ما زال بلا حل رغم مرور عقود. وبعد وقف لإطلاق النار دام 29 عامًا منذ 1991، انهارت الهدنة في أواخر 2020 وتجددت الاشتباكات المسلحة بشكل متقطع. تزامن ذلك مع تغيرات في مواقف قوى دولية وإقليمية أعادت الزخم للقضية؛ أبرزها اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، وتبني إسبانيا ثم فرنسا لخيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل لإنهاء النزاع. هذه التحولات عمّقت اصطفاف المحاور بين المغرب المدعوم بدول غربية وعربية عدة، والجزائر الداعمة بقوة لحق تقرير المصير للصحراويين عبر جبهة البوليساريو. في هذه القراءة التحليلية نتناول موقف المغرب ومبرراته، وموقف الجزائر المناقض، مع تحليل المكاسب التي حققها كل طرف والدوافع الكامنة وراء مواقفه، واستعراض المواقف الإقليمية والدولية المحيطة بالنزاع. كما نخصص فقرة لشرح الوضع الميداني وخارطة السيطرة على الأرض ودور الجدار الرملي والمناطق العازلة. أخيرًا، نشير إلى الانقسامات داخل المجتمع الصحراوي بين من يعيشون في الإقليم ومن في مخيمات اللجوء، لفهم أعمق لتعقيدات هذا النزاع المزمن.
موقف المغرب: تشبث بالسيادة وحل الحكم الذاتي
يرى المغرب أن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه، ويسميها “الأقاليم الجنوبية”. فمنذ انسحاب الاستعمار الإسباني عام 1975 بسطت المملكة سيطرتها على معظم الإقليم، باعتباره استعادة لوحدة ترابها التاريخي. يستند هذا الموقف إلى رواية تاريخية عن روابط البيعة والسيادة بين قبائل الصحراء وسلاطين المغرب عبر القرون، ما يُكسب مطالب الرباط شرعية سياسية. وقد أصبحت قضية الصحراء “القضية الوطنية الأولى” في الخطاب المغربي، إذ يُجمع المغاربة رسمياً وشعبياً على رفض أي تنازل يمس سيادتهم هناك. عطفًا على ما سبق، يطرح المغرب -على الصعيد الدبلوماسي-، منذ 2007 مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادته كحل نهائي. ويعتبر هذا الطرح واقعيًا وقابلًا للتطبيق، وقد نجحت الرباط في كسب دعم قوى كبرى له خلال الأعوام الأخيرة. فالولايات المتحدة اعترفت في 2020 بسيادة المغرب على الإقليم واعتبرت الحكم الذاتي أساسًا للحل، كما انضمت إسبانيا وفرنسا لاحقًا إلى دعم المقترح المغربي علنًا. وإلى جانب ذلك، افتتحت عشرات الدول العربية والأفريقية قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، بما يعنيه ذلك من اعتراف ضمني بإدارة المغرب للإقليم.
وميدانيًا، يسيطر المغرب فعليًا على نحو 80% من مساحة الصحراء بما فيها المدن الكبرى وكامل الساحل، وأقام جدارًا رمليًا دفاعيًا في الثمانينيات لترسيخ هذا الواقع ومنع تسلل مقاتلي البوليساريو. كما يستثمر المغرب بكثافة في تنمية الإقليم واستغلال موارده الطبيعية لإظهار مزايا الحكم الذاتي تحت سيادته. وهو يؤكد تمثيل الصحراويين في المؤسسات المنتخبة المغربية، ويرفض الاعتراف بشرعية جبهة البوليساريو التي يعدّها حركة انفصالية. مما يعني محاول الرباط تثبيت الأمر الواقع سياسيًا وميدانيًا، ساعيًا لإنهاء النزاع بشروط تضمن بقاء الصحراء تحت رايته.
موقف الجزائر: دعم البوليساريو وثوابت تقرير المصير
تتبنى الجزائر موقفًا ثابتًا داعمًا لحق الصحراويين في تقرير المصير عبر استفتاءٍ تحت إشراف الأمم المتحدة، وترفض الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. ورغم تأكيدها الرسمي أنها ليست طرفًا مباشرًا في النزاع، إلا أن دورها المحوري لا يخفى؛ فهي تستضيف منذ عقود قيادة جبهة البوليساريو وآلاف اللاجئين الصحراويين في “مخيمات تندوف”، وتقدّم لهم الدعم العسكري واللوجستي والدبلوماسي. تنطلق السياسة الجزائرية من عقيدة ثورية مناهضة للاستعمار ورؤية تعتبر قضية الصحراء امتدادًا لكفاح تحرري، إذ ترى في بسط المغرب سيطرته على الإقليم عام 1975 “ضمًا غير شرعي” يجب إنهاؤه بتمكين الصحراويين من تقرير مصيرهم.
وعبر العقود، مثّلت الجزائر سندًا أساسيًا للبوليساريو في المحافل الدولية. حيث دعمت اعتراف منظمة الوحدة الأفريقية (ثم الاتحاد الأفريقي) بـ”الجمهورية الصحراوية” منذ الثمانينيات، ووظفتْ ثقلها في حركة عدم الانحياز والأمم المتحدة للحفاظ على حضور قضية الصحراء وإصدار قرارات تؤكد حق الصحراويين في تقرير مصيرهم. وتعتبر الجزائر التمسك بالاستفتاء مبدأً لا يمكنها التنازل عنه، مرتبطًا بتاريخها التحرري وهويتها الدبلوماسية، كما ترى فيه عاملًا يحول دون هيمنة المغرب إقليميًا. فهي تخشى أن انتصار المغرب في هذه القضية سيمنحه تفوقًا جيوسياسيًا واقتصاديًا في المنطقة على حسابها، وذلك صحيح جزئيًا. وذلك ما يفسّر أنه في السنوات الأخيرة، تصاعد التوتر بين الجزائر والمغرب على خلفية الصحراء الغربية، وبلغ الخلاف ذروته في أغسطس 2021 عندما أعلنت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط متهمةً إياها بـ”الأفعال العدائية”. كما استنكرت تغيّر موقف إسبانيا لصالح مبادرة الحكم الذاتي المغربية واعتبرته انحيازًا غير مقبول، ملوّحةً بأن استمرار “تعنت” المغرب سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة. ورغم حدة الخلاف، تكرر الجزائر دعوتها إلى حل سياسي عبر مفاوضات مباشرة بين المغرب والبوليساريو برعاية الأمم المتحدة، معتبرةً أن أي تسوية لا تضمن خيار الاستقلال ستكون غير مشروعة وغير قابلة للاستمرار من منظورها.
خارطة السيطرة الميدانية: الجدار الرملي والمناطق العازلة
لفهم الواقع الميداني للنزاع، لا بد من استعراض خارطة السيطرة على الأرض ودور الجدار الدفاعي الذي يفصل بين طرفيه. فمنذ وقف إطلاق النار عام 1991، يسيطر المغرب على حوالي 80% من مساحة الإقليم، تشمل المدن الرئيسية (كالعيون والداخلة) وكل الساحل الأطلسي ومعظم الثروات الطبيعية، في حين تسيطر جبهة البوليساريو شكليًا على نحو 20% من المناطق الصحراوية النائية شرقًا قرب الحدود الجزائرية والموريتانية. ويفصل بين الجانبين خط دفاعي يعرف بـالجدار الرملي أو الحزام الأمني، وهو سلسلة من السواتر الرملية والخنادق الممتدة لنحو 2700 كيلومتر شيدها المغرب خلال الثمانينيات.
هذا الجدار المحصّن بالألغام والمراقبة الإلكترونية يحاذي تقريبًا حدود منطقة الـ80% الخاضعة للمغرب، وقد نجح في منع تسلل مقاتلي البوليساريو وحماية المدن والبنى التحتية غربه. بالمقابل، تعتبر البوليساريو الأراضي الواقعة شرق الجدار “مناطق محررة” ضمن دولتها المنشودة، فيما ينظر إليها المغرب بوصفها منطقة عازلة شبه خالية تخضع لرقابة الأمم المتحدة.
ووفق ترتيبات الهدنة، فُرضت منطقة عازلة منزوعة السلاح شرق الجدار تتولى بعثة “المينورسو” مراقبتها، لكن التطورات الأخيرة شهدت خروقات جسيمة لذلك الوضع. فقد قام محتجون صحراويون أواخر 2020 بإغلاق الطريق التجاري في معبر الكركرات (جنوب الإقليم عند الحدود الموريتانية) داخل المنطقة العازلة، فتدخل الجيش المغربي لإعادة فتحه وتأمينه. فاعتبرت البوليساريو ذلك انتهاكًا للاتفاق وأعلنت انتهاء وقف إطلاق النار واستئناف الكفاح المسلح. ومنذئذٍ، تدور اشتباكات متقطعة منخفضة الحدة والوتيرة قرب الجدار؛ حيث تشن قوات البوليساريو عمليات كرٍّ وفرٍّ بالصواريخ والطائرات المسيرة على نقاط الجيش المغربي، الذي يرد بضربات جوية ومدفعية تستهدف تحركات خصمه في عمق الصحراء المفتوحة. غنّيٌ عن البيان، أنّ هذه المناوشات لم تؤدِّ إلى تغيير يذكر في خطوط التماس الثابتة منذ عقود، لكنها أكدت أهمية الجدار كحد فاصل يمنح المغرب أفضلية دفاعية واضحة. ويُذكر أن غالبية الصحراويين المقيمين في الإقليم يعيشون غرب الجدار تحت الإدارة المغربية ويتمتعون بثمار التنمية هناك، في حين لا يوجد شرق الجدار إلا بضع تجمعات لمقاتلي البوليساريو. أما عشرات الآلاف من أبناء الصحراء فيستمر نزوحهم في مخيمات تندوف داخل الجزائر بانتظار حل يتيح لهم العودة. وهكذا كرّس الجدار وضعًا شبه جامد: المغرب يدير معظم الإقليم، والبوليساريو تحتفظ بجزء صحراوي محدود شرق الجدار دون قدرة على تغييره بالقوة.
المكاسب والعوامل المحفزة: قراءة نقدية
بالنظر إلى مسار الصراع الطويل، يمكن تسجيل مكاسب حققها كل طرف رغم غياب الحسم النهائي. فعلى الجانب المغربي، أفضت التحولات الأخيرة إلى تعزيز موقعه: إذ كسب اعترافًا أمريكيًا مهمًا بسيادته، وتأييدًا أوروبيًا متزايدًا لمبادرته (لا سيما من إسبانيا وفرنسا)، مما قلّل من عزلة موقفه دوليًا. كما رسّخ المغرب سيطرته الميدانية على معظم مناطق الثروة والساحل في الصحراء الغربية، وضّم الإقليم فعليًا لاقتصاده عبر استغلال موارده الطبيعية. هذه الإنجازات وفرت للمغرب زخمًا دبلوماسيًا وثقة بأن حل الحكم الذاتي الذي يقترحه بات يحظى بقبول دولي وازن.
في المقابل، نجحت البوليساريو بدعم الجزائر في تحقيق بعض المكاسب المعنوية والاستراتيجية. فقرارها إنهاء وقف إطلاق النار والعودة للكفاح المسلح أواخر 2020 أعاد القضية الصحراوية إلى الواجهة الدولية، منبّهًا إلى أن تجاهل النزاع قد يقود إلى تصعيد جديد. أظهرت البوليساريو قدرة على إزعاج القوات المغربية عبر هجمات متفرقة على طول الجدار الدفاعي. وعلى الصعيد الدبلوماسي، حافظت البوليساريو على اعتراف بعض الدول بها كجمهورية، واستفادت من دعم دول أفريقية وازنة للحيلولة دون انتصار دبلوماسي كامل للمغرب في الاتحاد الأفريقي. كما استخدمت الجزائر أوراق ضغط كنفوذها كمورّد للطاقة لأوروبا وعلاقتها بروسيا والصين لضمان عدم انفراد الغرب بدعم الموقف المغربي.
كذلك رفعت الجزائر جاهزيتها العسكرية، في رسالة بأن فرض أمر واقع أحادي في الصحراء سيواجه ممانعة طويلة الأمد. أما الدوافع وراء مواقف الجانبين فتجمع بين المبادئ والمصالح. فالمغرب تحرّكه عقيدة وطنية تعتبر أي تفريط في الصحراء تهديدًا لشرعية الدولة واستقرارها، إضافةً إلى دوافع اقتصادية وإستراتيجية كون الإقليم غني الموارد ومطلًا على الأطلسي، ما يمنحه عمقًا استراتيجيًا في القارة. في المقابل، تنطلق الجزائر من التزام مبدئي بمبدأ تقرير المصير، لكنها أيضًا تنظر للملف بمنظار المنافسة الإقليمية مع المغرب. فهي لا تقبل بتمكين جارها من مكسب جيوسياسي كبير. بالمحصلة، عززت المكاسب المتبادلة قناعة كل طرف بصواب موقفه، لكنها أيضًا عمّقت حالة الاستعصاء؛ إذ بات المغرب أقل استعدادًا للتنازل بعد الاعترافات الدولية الأخيرة، وبالمقابل ازداد تصميم الجزائر والبوليساريو على التصدي لأي حل أحادي.
المواقف الإقليمية والدولية: بين الدعم والتحفظ
على الصعيد الإقليمي، تتباين مواقف دول الجوار العربي والأفريقي تجاه النزاع. فمن المعلوم، أنّ معظم دول المغرب العربي تتجنب الانخراط المباشر؛ فـموريتانيا ملتزمة حيادًا رسميًا ودعم جهود الأمم المتحدة، وتونس تميل خطابيًا نحو خيار تقرير المصير (تماشيًا مع موقف الجزائر) مع تفادي أي قطيعة مع الرباط. أما في العالم العربي الأوسع، فيميل نحو دعم المغرب؛ حيث تؤيد دول الخليج ومعظم الدول العربية وحدة أراضي المغرب، وتجسّد ذلك بقرارات جامعة الدول العربية وخطوات رمزية كفتح الإمارات والبحرين قنصليات في مدن الصحراء. في المقابل، بقيت الجزائر ومعها قلة من الدول (مثل سوريا- بشار الأسد الذي سقط) تصر على دعم “حق الشعب الصحراوي” في تقرير المصير، وإن بات هذا الصوت معزولًا عربيًا. وعلى مستوى أفريقيا، لا يزال الاتحاد الأفريقي يحتضن طرفي النزاع (المغرب والبوليساريو ممثلة بالجمهورية الصحراوية) , ما يعكس الانقسام القاري. غير أن المغرب استمال العديد من الدول الأفريقية عبر دبلوماسيته الاقتصادية، فسحبت أو جمّدت أكثر من 15 دولة اعترافها السابق بالجمهورية الصحراوية، بل افتتحت بعضها قنصليات في العيون والداخلة. مع ذلك، تواصل دول أفريقية بارزة (مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا وأنغولا) مساندة البوليساريو والتشديد على مسار الاستفتاء، ما يحول دون بلورة موقف أفريقي موحد.
أما على الصعيد الدولي، شهدت مواقف القوى الكبرى تحولًا لافتًا وفق مصالحها. فالولايات المتحدة -مثلاً- كسرت الجمود أواخر 2020 باعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، في خطوة ارتبطت بصفقة سياسية (تزامنت مع تطبيع المغرب مع إسرائيل) وبمسعى واشنطن لتعزيز حليفها الإقليمي في مواجهة نفوذ بكين وموسكو.
وعزز دعمُ واشنطن الموقف المغربي، ولم تتراجع عنه إدارة بايدن وإن أكدت ضرورة الحل الأممي. أما فرنسا، الحليف التقليدي للمغرب، تبنّت مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وأعلنت ذلك صراحةً في 2024. إسبانيا أيضًا نبذت حيادها في 2022 وساندت مقترح الرباط، سعيًا لإنهاء خلافاتها مع المغرب وتأمين تعاونها في ملفات الهجرة والأمن، كذلك فعلت فرنسا عام 2024، ومن في يونيو 2025 نحت بريطانيا نفس المنحى. في المقابل، ترفع روسيا والصين شعار الحل عبر الأمم المتحدة دون انحياز، لكن علاقاتهما الوثيقة بالجزائر تجعلهما داعمتين ضمنيًا لمنطقها. وقد امتنعت موسكو في مجلس الأمن عن تأييد صياغات مؤيدة للمغرب، وحافظت بكين على توازن استثماراتها بين المغرب والجزائر وتوخّت عدم إغضاب الأخيرة. لكن من حيثية جيوسياسية بحتة، يرى الغرب أن قيام دولة صحراوية مستقلة تحت نفوذ الجزائر قد يمنح خصومه موطئ قدم استراتيجيًا على الأطلسي، لذا يفضّل دعم بقاء الإقليم تحت مظلة المغرب. وفي غضون ذلك، تبدو الأمم المتحدة عاجزة عن فرض حل، إذ تكتفي بدعوة الأطراف للحوار وتعيين مبعوثين أمميين دون تقدم جوهري حتى الآن.
خاتمة: في المحصلة، ولّد النزاع انقسامًا داخل الصف الصحراوي. فبعض الصحراويين في مدن العيون والداخلة تأقلم مع الواقع تحت الإدارة المغربية واستفاد من مشاريع التنمية، فيما لا يزال آخرون يخفون تطلعاتهم إلى تقرير المصير تحت وطأة القبضة الأمنية. في المقابل، يتمسك الصحراويون في مخيمات تندوف بخيار الاستقلال والعودة إلى ديارهم رغم معاناة حياة اللجوء الطويلة. هذا التباين يزيد تعقيد أي حل مستقبلي، إذ ينبغي لأي تسوية أن تأخذ بعين الاعتبار تطلعات كافة الصحراويين على اختلاف أماكن وجودهم. ويُرجّح أن يستمر نزاع الصحراء الغربية كأزمة مجمدة منخفضة الحدة في ظل تمسك كل طرف بمواقفه ومكاسبه. وقد عززت التحولات الأخيرة ثقة كل جانب بصواب رؤيته، مما أبقى مساحة الحلول التوافقية ضيقة. ومع غياب الثقة المتبادلة وضعف الضغط الدولي الحاسم، سيبقى الوضع الراهن على الأرجح مستمرًا مع مناوشات متفرقة ومساعٍ دبلوماسية متقطعة لإبقاء باب التفاوض مفتوحًا. ومن ثمّ يبقى هذا النزاع اختبارًا لقدرة الأطراف الإقليمية والدولية على تحقيق توازن بين المبادئ والمصالح في نهاية المطاف.