ما بعد تنحي بايدن: فرص الديمقراطيين في انتخابات 2024

بواسطة
أمد للدراسات
تاريخ النشر
07/23/2024
شارك المقالة

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن تنحيه عن المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى في الخامس من نوفمبر 2024، وجاء الإعلان ليفتح الباب واسعاً أمام العديد من التساؤلات والاحتمالات ليس فقط حول مستقبل التنافس السياسي بين بايدن وترامب ولكن أيضاً على مستقبل الحزب الديمقراطي في ظل الأزمة التي يمكن أن يرتبها هذا الانسحاب في هذا التوقيت، وقبل المؤتمر الوطني للحزب الذي سيتم فيه الإعلان رسمياً عن مرشح الحزب ونائبه والذي سيعقد في 19 أغسطس/ آب 2024.

في تقييم قرار التنحي

في إطار تقييم قرار بايدن بالتنحي، ذهب البعض إلى القول إن قرار بايدن بأنه خيار شجاع، وجاء بمثابة خاتمة مناسبة لرجل كرس حياته للخدمة العامة، وأن من شأنه زيادة احتمال تمكُّن حزبه الديمقراطي من حماية البلاد من مخاطر عودة المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى الرئاسة مرة أخرى، وأنه بايدن لو أصر على البقاء كان سيرفع من أسهم ترامب لاستعادة الرئاسة، وربما السيطرة على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ.

كما أن رحيل بايدن سيعطي فرصة لحزبه كي يُعيد تحويل انتباه الرأي العام من شكوكه بشأن قدرات الرئيس العقلية إلى عدم أهلية ترامب الأخلاقية والمزاجية، والمخاوف من تقلده صلاحيات رئاسية واسعة.

وأن هذه الخطوة مع أهميتها في ذاتها فإنها يجب أن تكتمل بالدقة الشديدة والدراسة المتأنية لعملية اختيار المرشح الديمقراطي البديل ونائبه، حتى لا تؤثر على استقرار الحزب وصورته الذهنية وبالتالي تضر بفرصه سواء في الانتخابات الرئاسية أو في الانتخابات البرلمانية التي ستتم في نفس التوقيت.

كما ذهب البعض أيضاً إلى التأكيد على أن قرار بايدن كتب نهاية لواحدة من أطول السيَر السياسية في التاريخ الأميركي، والتي كانت حافلة بالإنجازات التاريخية والانتكاسات والانكسارات والأحداث الدرامية، منذ تولى بايدن لأول مرة عضوية مجلس النواب، في بداية السبعينيات من القرن العشرين، وصولاً ليكون الرئيس رقم 46 للبلاد في مرحلة شهدت جائحة كورونا (فيروس كوفيد-19)، وأشرف على التعافي الاقتصادي، وووحّد الكثير من دول العالم ضد التوسع الروسي في أعقاب العملية العسكرية التي قامت بها روسيا الاتحادية ضد أوكرانيا منذ فبراير/ شباط 2022.

الديمقراطيون والبحث عن بديل

مع تنحي بايدن أعلن عن تزكيته لنائبته كامالا هاريس، كما سارع عدد من الرموز الديمقراطيين لإعلان دعمها، وكذكل فعل عدد من النواب الديمقراطيين سواء في مجلس النواب أو في مجلس الشيوخ، لكن هاريس ليست الخيار الوحيد للديمقراطيين، فهناك غريتشن ويتمير حاكمة ولاية ميشيغان، وروي كوبر حاكم نورث كارولينا، وأندي بشير حاكم كنتاكي، وويس مور حاكم ولاية ميريلاند، وجوش شابيرو حاكم بنسلفانيا.

وإلى جانب هؤلاء، تبرز أسماء مجموعة من الوزراء مثل وزيرة التجارة جينا ريموندو، ووزير النقل بيت بوتيغيغ، وأعضاء من مجلس الشيوخ من أمثال مارك كيلي من ولاية أريزونا، ومايكل بينيت من كولورادو.

وأصبح السؤال المهم في هذا السياق هو إذا كانت آمال الديمقراطيين معلقة الآن على كامالا هاريس، فهل يمكنها التغلب على دونالد ترامب؟، والحيلولة دون عودة ترامب واستيلاء حركته على الولايات المتحدة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار أن هاريس قد تكون البديل الأنسب للمرحلة لكنها ليست الأفضل من وجهة نظر الكثيرين في مواجهة ترامب.

وخاصة بعد صعود أسهمه بقوة بعد الأدء السيئ لبايدن في المناظرة الأولى في 27 يونيو/ حزيران 2024، ثم تعرض ترامب لمحاولة اغتيال في 13 يوليو/ تموز 2024، ونجاحه في استغلالها لكسب المزيد من الدعم السياسي والتمويلي لحملته الانتخابية.

وجزء من المخاوف حول هاريس ترتبط بالمكون العنصري في الثقافة الأمريكية ونظرتهم لأعراق البشر ونوع جنسهم (ذكر أو أنثى)، مع وجود فئات معينة من الشعب الأميركي لا يؤيدون أي شخص غير أبيض البشرة لتولي منصب رئيس الولايات المتحدة.

مسار الحزب الديمقراطي بعد انسحاب بايدن

في الوقت الذي حذّر الرئيس الأسبق باراك أوباما من آفاق مجهولة في الأيام المقبلة، أكّد رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي أن الحزب سينظم عملية شفافة ومنظّمة للمضي قُدماً كحزب ديمقراطي موحّد، مع مرشّح يمكنه هزيمة دونالد ترمب في نوفمبر.

وفي الوقت الذي يدعو فيه كبار الديمقراطيين إلى توحيد الصفوف، تُقدّم هاريس نفسها البديل الأنسب لخلافة بايدن، إلا أن تخوّف البعض من مستويات شعبيتها المتدنية، وعدم قدرتها على الفوز أمام ترمب، يجعل السباق مفتوحاً على أكثر من خيار.

من الممكن أن يكون هناك نوع من التنافس بين الديمقراطيين لنيل ترشيح الحزب، حيث من المتوقع أن يكون هناك نحو 4672 مندوباً عن الحزب، منهم 3933 سيلتزمون بنتائج ولاياتهم، إلى جانب 739 يُعرفون باسم المندوبين الكبار، وهم أعضاء بارزون في الحزب، ومن أجل الفوز بترشيح الحزب، يحتاج المرشح إلى الحصول على الأغلبية، أي الفوز بأصوات تفوق جميع المرشحين الآخرين مجتمعين.

وإذا لم يتمكن أحد من تحقيق ذلك، يلجأ الحزب إلى ما يُعرف باسم مؤتمر الوسطاء، وفيه يعمل المندوبون وكلاءً أحراراً ويتفاوضون مع قيادات الحزب، ويتم وضع القواعد، ثم يكون هناك تصويت بنداء الأسماء للأشخاص المرشحين، وقد يستغرق الأمر عدة جولات من التصويت حتى يحصل الشخص على الأغلبية ويصبح المرشح، وقد عُقد آخر مؤتمر للوسطاء عام 1952، عندما فشل الديمقراطيون في الاتفاق على مرشح يمثل الحزب في الانتخابات.

انسحاب بايدن وفرص ترامب

من شأن إعلان بايدن الانسحاب أن يؤثر على حملة دونالد ترامب، التي استفادت خلال الأشهر الماضية سواء قبل المناظرة أو بعد المناظرة من تراجع الحالة الصحية لبايدن، وشاركوا العديد من مقاطع الفيديوهات لكل تلعثم أو خطأ أو تعثر في تصريحاته، أما اليوم فسيكون على الحملة إعادة هيكلة توجهاتها بالكامل نحو المرشح الذي سيتم اختياره رسميًا، لمنصب الرئيس وكذلك لمنصب النائب.

وكانت حملة الجمهوريين قد عملت بقوة بعد المناظرة التي فشل فيها بايدن، ومطالبة الكثيرين له بالانسحاب، على مهاجمة المرشح الديمقراطي البديل المتوقع وهو نائبة الرئيس كامالا هاريس، كما زادت الانتقادات لها بعد أن دعمها بايدن للترشح عن الحزب الديمقراطي، حيث قالت حملة ترامب في بيان لها “ستكون هاريس أسوأ بالنسبة لشعبنا من جو بايدن. لقد كانت هاريس عامل التمكين الرئيسي لجو الفاسد طوال هذا الوقت. إنهما يملكان سجلات بعضهما البعض، ولا يوجد اختلاف بين الاثنين”.

وبعد

وفي إطار هذه السجالات وغيرها، والتي لن تتوقف حتى المؤتمر الرسمي للحزب الديمقراطي في 19 أغسطس 2024، يمكن القول إن تنحي بايدن قد خفف بدرجة كبيرة من عمق الأزمة التي كان من الممكن أن يتعرض لها الحزب الديمقراطي في الانتخابات القادمة، حال استمرار بايدن، ليس فقط على نتيجة انتخابات الرئاسة والتي كان من الممكن أن يحقق فيها ترامب فوزًا ساحقًا، ولكن أيضًا على نتيجة انتخابات الكونجرس، والتي كان من الممكن أن تتضرر بشكل كبير نتيجة ضعف ثقة الناخبين في الحزب.

وأيا كان المرشح الذي سيتم الإعلان عنه رسميًا عن الحزب الديمقراطي، فإن نتيجته في استطلاعات الرأي خلال الفترة القادمة، وكذلك في الانتخابات ستكون أفضل بمراحل من تلك التي كان يمكن أن يحصل عليها بايدن.

شارك المقالة

اشترك في نشرتنا الاخبارية