المصدر: فورين بوليسي
البحرية الأميركية تستطيع أن تلعب لعبة “اضرب واهرب” مع الحوثيين، لكن هذا لا يغير شيئًا في البحر الأحمر.
بقلم كيث جونسون – 22 أبريل 2025
في الأسابيع الخمسة التي تلت تصعيد إدارة ترامب للهجمات على الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، ظهرت بعض المشاكل الكبيرة، مما يؤكد مدى صعوبة تحويل الخطاب القوي للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى نتائج واقعية.
العملية، التي تم مناقشتها بشكل شهير في محادثة “Signal” التي شملت صحفيًا بالخطأ، فشلت حتى الآن في تحقيق أي من هدفيها المعلنين: استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر، وإعادة ترسيخ الردع.
رغم إنفاق أكثر من مليار دولار من قبل الولايات المتحدة في الهجمات ضد الحوثيين، لا يزال الشحن عبر البحر الأحمر وقناة السويس في حالة ركود كما كان دائمًا. ولا يزال المسلحون الحوثيون متحدين كما كانوا، محذرين خلال عطلة نهاية الأسبوع من أن ترامب قد غاص في “مستنقع”، ومعززين هجماتهم ضد إسرائيل والسفن الحربية الأميركية في المنطقة.
كما أن هناك غيابًا واضحًا للشفافية بشأن هذه العملية، التي تُعد أكبر استخدام للقوة العسكرية الأميركية في الولاية الثانية لترامب. وزارة الدفاع لا تعقد مؤتمرات صحفية حول الحرب الجارية، والقيادة المركزية الأميركية، التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، تكتفي بنشر مقاطع فيديو مذهلة من عمليات حاملة الطائرات على وسائل التواصل الاجتماعي، مصحوبة بهاشتاغ “#HouthisAreTerrorists”.
استنزاف الذخيرة
الأمر المقلق أكثر هو أن وتيرة العمليات الأميركية، والتي تشمل ضربات على مدار الساعة من مجموعتي حاملة طائرات أميركيتين، تستنزف الذخائر الذكية المحدودة التي يقول العديد من خبراء الدفاع إنه من الأفضل حفظها لأي صراع مستقبلي مع الصين. هذا الأمر مهم بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالمخزون المحدود من الصواريخ البعيدة المدى المطلقة جوًا، والتي ستكون حاسمة في أي صراع حول تايوان.
قال أليسو باتالانو، خبير الشؤون البحرية في كينجز كوليدج بلندن:
“إذا كان الهدف هو حرية الملاحة، فإنه لا ينجح. كيف يمكنك دعم فكرة أن منطقة الإندو-باسيفيك هي الأولوية، وفي الوقت نفسه تسحب مكونات حاسمة للقتال هناك لاستخدامها في الشرق الأوسط؟”
الخبر الجيد، إن وُجد، هو أن هناك أقل قدر من الاستعجال الآن لإعادة فتح البحر الأحمر وقناة السويس للشحن التجاري، مقارنة بأي وقت منذ أن أغلقها الحوثيون فعليًا في نوفمبر 2023 بهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على السفن التجارية، والتي قيل إنها دعمًا للفلسطينيين الذين يتعرضون لهجوم إسرائيلي. حرب ترامب التجارية أثرت بشدة على توقعات الشحن العالمي، لدرجة أن أسعار شحن الحاويات تنخفض، ولا يوجد سبب كبير يدفع شركات الشحن للقلق بشأن تغيير مسار بضائعها حول جنوب أفريقيا.
عندما قرر الحوثيون استخدام موقعهم الاستراتيجي على ضفاف أحد أهم الممرات البحرية في العالم، مضيق باب المندب، للضغط على إسرائيل والغرب، جاء رد الغرب سريعًا. أرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوات بحرية لضرب الحوثيين، بينما أرسل الاتحاد الأوروبي قوة بحرية خاصة به لمرافقة السفن التجارية عبر منطقة أصبحت بسرعة منطقة محظورة.
اضطراب استراتيجي
ورغم أن المهمات الأميركية البريطانية والأوروبية كانت لها أهداف مختلفة بعض الشيء – حيث سعت واشنطن ولندن إلى “إضعاف” قدرات الحوثيين البرية التي تعيق حركة التجارة، بينما اتبعت مهمة أوروبا نهجًا تقليديًا لحرية الملاحة – إلا أن كليهما لم يحقق نجاحًا كبيرًا. ظلت أسعار التأمين مرتفعة جدًا، وانخفضت حركة المرور في قناة السويس بشكل كبير.
ثم جاءت إدارة ترامب الجديدة، مصممة على النجاح في حيث فشلت إدارة بايدن المنتهية ولايتها.
كتب وزير الدفاع الأميركي بيت هيزغث في محادثة “Signal” الشهيرة التي شارك فيها صحفي، قبل وأثناء الهجمات التي وقعت في مارس:
“الأمر لا يتعلق بالحوثيين. أراه أمرين: 1) استعادة حرية الملاحة، وهي مصلحة وطنية أساسية؛ و2) إعادة بناء الردع، الذي دمره بايدن.”
فكرة أن حرية الملاحة كانت مصلحة وطنية أميركية أساسية واجهت اعتراضًا من نائب الرئيس جي. دي. فانس خلال نفس المحادثة. وكل أعضاء فريق الأمن القومي التابع لترامب كانوا حريصين على أن تتحمل أوروبا تكاليف هذه المغامرة العسكرية الأميركية غير المرغوب فيها. القيادة المركزية الأميركية بالتأكيد ترى أن الأمر كله يتعلق بالحوثيين.
لكن التناقضات الجوهرية في السياسات والأولويات الأميركية ظهرت بوضوح من خلال تلك الرسائل النصية العشوائية. وأهمها: ماذا حدث للتركيز على آسيا؟
قال باتالانو:
“البحرية الأميركية جيدة جدًا في ضرب الأهداف على الشاطئ. لكن النجاح العملياتي والتكتيكي لا يمكنه إخفاء حقيقة أن الأثر الاستراتيجي ما زال بعيد المنال، إن لم يكن غير مُحدد تمامًا.”
منذ أيام توماس جيفرسون، خاضت الولايات المتحدة حروبًا من أجل حرية الملاحة، أحيانًا في مياه قريبة من المعركة الحالية. لكن من الصعب فهم سبب إنفاق الأموال في محاولة عبثية لفتح ممر بحري لا يحتاج فعليًا للفتح، بينما هناك تحديات أخرى أكثر إلحاحًا.
والأسوأ من ذلك، أن سوء استخدام القوة البحرية قد تكون له نتائج عكسية – إذ يستغرق إقناع الديمقراطيات بإنفاق مبالغ ضخمة على سفن حربية متقدمة وقتًا وجهدًا، خاصة إذا لم تُثبت فائدتها.
قال باتالانو في الختام:
“ما أجده مقلقًا للغاية هو أنهم يُضعفون الفائدة القصوى للقوة البحرية. في المستقبل، عندما يقول الناس: ’لماذا نحتاج إلى بحرية؟ لم نفعل شيئًا ضد الحوثيين.‘ سيكونون على حق.”