خلافاً لكل التقديرات واستطلاعات الرأي حقق اليسار الفرنسي مفاجأة كبيرة في الجولة الثانية من انتخابات البرلمان الفرنسي التي تمت في السابع من يوليو/ تموز 2024، متفوقاً على التحالف السياسي الحاكم بقيادة إيمانويل ماكرون، وتحالف التجمع الوطني اليميني المتطرف، الذي حقق أغلبية كبيرة في الجولة الأولى دفعت الكثيرين للقول بأنه سيكتسح الجولة الثانية، وهو ما لم يحدث، وتراجع للمرتبة الثالثة في ترتيب التحالفات السياسية الرئيسية التي يتكون منها البرلمان الفرنسي.
تاريخ البرلمان الفرنسي وتطوره
عرفت فرنسا الحياة البرلمانية بعد الثورة الفرنسية مباشرة وفي نفس العام التي قامت فيه، حيث تشكل أول برلمان عام 1789، وأطلقت عليه عدة أسماء، منها: “الجمعية الثورية” و”الجمعية الوطنية التأسيسية” و”المجلس التشريعي”، ثم “الجمعية الوطنية الفرنسية” (1871 إلى 1875).
وكان اسم الجمعية الوطنية خلال تلك الفترة يطلق على المجلسين اللذين كانا يشكلان البرلمان الفرنسي، وهما مجلسا النواب والشيوخ، وخلال فترة الجمهورية الرابعة (1946 – 1958) أصبح الاسم يطلق على مجلس النواب فقط، في حين تحول اسم مجلس الشيوخ إلى مجلس الجمهورية. وبعد قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، تم الاحتفاظ باسم “الجمعية الوطنية” للإشارة إلى مجلس النواب، واستعاد مجلس الشيوخ اسمه القديم.
ويتكون البرلمان الفرنسي الحالي من مجلسين هما الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، ويتم انتخاب أعضاء الجمعية لمدة خمس سنوات بالاقتراع العام المباشر، ويتم انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ لمدة تسع سنوات عن طريق هيئة انتخابية مكونة من نواب، ومستشاري المقاطعات، ومستشارين جهويين، ومندوبي المجالس البلدية، ويتكون البرلمان الفرنسي في الجمهورية الخامسة من 925 نائبا، 577 في الجمعية الوطنية، و348 في مجلس الشيوخ.
صلاحيات البرلمان الفرنسي
يتولى البرلمان الفرنسي ممارسة العديد من الصلاحيات في مجال مراقبة أعمال الحكومة وفي المجالات التشريعية والمالية والقضائية، وبعض الصلاحيات السياسية الأخرى، وبعد أن كان البرلمان يتمتع بسلطة التشريع في كافة المجالات ودون أي قيد، أصبح في ظل الجمهورية الخامسة يشاركه رئيس الوزراء في القيام بجزء من العمل التشريعي، ويتولى نواب البرلمان التصويت على مشاريع القوانين التي يقترحونها، أو تلك التي تعرضها الحكومة عليهم، إلى جانب مراقبة عمل الحكومة وتقويم السياسات العامة.
وتتمتع الجمعية الوطنية بصلاحيات أوسع من مجلس الشيوخ، فهي الوحيدة التي تستطيع الطعن في الحكومة عبر طرح ملتمس الثقة، كما يجوز لرئيس الجمهورية حلّ الجمعية الوطنية، وعند الاختلاف والتباين في وجهات النظر مع مجلس الشيوخ، يجوز للحكومة أن تمنح الجمعية الوطنية الكلمة الفصل في العملية التشريعية، باستثناء ما يتصل بالقوانين الدستورية والقوانين المتعلقة بمجلس الشيوخ، كما أن الدستور الفرنسي يرجح كفّة الجمعية الوطنية في دراسة مشروع قانون الموازنة ومشروع القانون حول تمويل الضمان الاجتماعي.
أما مجلس الشيوخ فهو غير قابل للحل، ويتم تجديد ثلث أعضائه كل ثلاث سنوات. ويتم هذا من خلال تقسيم المقاطعات الفرنسية إلى ثلاث فئات.
الدعوة لانتخابات 2024:
بعد فوز حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف بزعامة جوردان بارديلا ومارين لوبان على ائتلاف “التجديد” بزعامة ماكرون في انتخابات البرلمان الأوربي التي تمت بين 7 و9 يونيو/ حزيران 2024، حيث حصل حزب التجمع على 31.4% وحصل حزب التجديد على 14.6% فقط، أعلن الرئيس الفرنسي حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة على جولتين، الأولى في 30 يونيو/ حزيران والثانية في 7 يوليو/ تموز 2024.
وتتألف الجمعية الوطنية الفرنسية من 577 مقعدًا، بينها ممثلين عن 13 مقاطعة خارجية و11 دائرة انتخابية تُمثل المغتربين الفرنسيين في الخارج، وللحصول على الأغلبية المطلقة في الجمعية يحتاج أي حزب أو تحالف سياسي إلى 289 صوتاً، وأي مرشح يحصل على 50 في المئة من الأصوات بنسبة مشاركة لا تقل عن ربع الناخبين المحليين يفوز تلقائيا، وفي حال عدم حصول أي مرشح على هذه النسبة تتم الإعادة بعد استبعاد جميع المرشحين الذين فشلوا في الحصول على 12.5 في المئة من الأصوات.
وفي الجولة الثانية يخوضها اثنان أو ثلاثة أو أربعة مرشحين في بعض الأحيان، وقد ينسحب بعض المرشحين قبل موعدها لإعطاء أحد الحلفاء فرصة أفضل تهدف إلى منع منافس من الفوز، وكان ائتلاف ماكرون يشغل 250 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته، وكان عليه حشد الدعم من الأحزاب الأخرى في كل مرة للتصديق على أي قانون يتم طرحه في البرلمان، بسبب عدم تمتعه بالأغلبية المطلوبة لتمرير القوانين، بينما شغل حزب التجمع الوطني 88 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته.
الانتخابات وتحالف اليسار
تم الإعلان في 13 يونيو/ حزيران 2024، عن تشكيل “الجبهة الشعبية الجديدة” وهي اتحاد من قوى اليسار الفرنسي يضم الديمقراطيين والاشتراكيين والخضر والشيوعيين واليسار الراديكالي وحزب “فرنسا الأبية”، واتفقت الجبهة على برنامج حكومي مشترك، والتنسيق المشترك في الترشيحات الفردية بالدوائر الانتخابية.
ويقوم البرنامج الحكومي للجبهة على: مكافحة جميع أشكال العنصرية ومعاداة السامية وكراهية الإسلام، توفير تعليم مجاني والحفاظ على حريته، وإصلاح المطاعم المدرسية، ودعم الأنشطة اللاصفية ودعم قطاع النقل، إلغاء التأمين ضد البطالة، زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 1600 يورو، تغيير سن التقاعد من 64 إلى 60 سنة، زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنية بنسبة 10%، فرض عدة تدابير إصلاحية على قوانين الضرائب، إيقاف إنشاء مشاريع الطرق السريعة وغيرها من المشاريع المضرة بالمناخ، إلغاء قوانين اللجوء والهجرة التي أقرها ماكرون، وإنشاء قنوات هجرة آمنة وقانونية، وإنشاء وكالة إنقاذ في البحر والبر.
كما أعلن تحالف اليسار عن إدانته لهجوم “طوفان الأقصى” الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ويطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار، ووقف الدعم الفرنسي لحكومة نتنياهو التي يصفها باليمينية المتطرفة، ودعا التحالف إلى “إنفاذ أمر محكمة العدل الدولية الذي يشير بشكل لا لبس فيه لخطر الإبادة الجماعية في غزة”.
نتائج الانتخابات ومفاجأة اليسار
حققت الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية مفاجأة وجاءت في المقدمة بعد أن حصلت على 182 مقعداً بنسبة 31.5% من إجمالي عدد مقاعد الجمعية الوطنية الفرنسية (577 مقعداً) وجاء تحالف الرئيس إيمانويل ماكرون في المرتبة الثانية، وحصل على 168 مقعداً بنسبة 29.1%، بينما تراجع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف إلى المركز الثالث وحصل على 143 مقعداً بنسبة 24.7%، بينما حصلت باقي الأحزاب السياسية على 17.7% من إجمالي الأصوات.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إن نسبة المشاركة في الدور الثاني من الانتخابات بلغت 67%، حيث توجّه نحو 49.5 مليون ناخب فرنسي إلى صناديق الاقتراع لاختيار 501 نائبًا في الجولة الثانية بجانب 76 نائبًا تم انتخابهم في الجولة الأولى، وتنافس في الجولة الثانية 1094 مرشحا.
وحصل حزب التجمع الوطني على 29.5% من الأصوات في الجولة الأولى (30 يونيو/حزيران 2024، وهو معدل يرتفع إلى أكثر من 33% عندما ينضم إلى حلفائه، وفقا لنتائج الانتخابات الرسمية، وحصل الحزب وحده على أكثر من 9.37 ملايين صوت، مما منحه 37 مقعدا في البرلمان. في حين حصل تحالف اليسار على 27.99% (أكثر من 8.9 ملايين صوت)، ليحتل المركز الثاني بـ32 مقعدًا، أما تحالف الوسط “معا من أجل الجمهورية” المدعوم من ماكرون، فاحتل المركز الثالث بحصوله على نحو 20% (أكثر من 6.4 ملايين صوت)، ليحصل على مقعدين فقط.
أما عن نتائج الانتخابات في الأقاليم الفرنسية فيما وراء البحار، فقد أعلنت السلطات المحلية في كاليدونيا الجديدة فوز المرشح الانفصالي إيمانويل تجيباو في الدورة الثانية، فيما تفوق اليسار في أقاليم غوادلوب وغويانا والمارتينيك وحصد الاستقلاليون مقاعد إقليم بولينيزيا، وسجلت الانتخابات مشاركة واسعة بلغت نسبتها 71,35% في سائر كاليدونيا، مقابل 45,15% فقط في الجولة الثانية لانتخابات 2022.
وفي غوادلوب، أُعيد انتخاب النواب اليساريين المنتهية ولايتهم في الدوائر الانتخابية الأربع، في مواجهة خصوصا مرشّحَين من التجمع الوطني (يمين متطرف) حققا تقدما بتأهّلهما إلى الجولة الثانية، وهُزم رودي تولاسي الذي يرأس حزب التجمّع الوطني في غوادلوب بعد فوزه في الانتخابات الأوروبية في التاسع من حزيران/يونيو 2024.
وفي جويانا الفرنسية أُعيد انتخاب النائبَين المنتهية ولايتهما والمدعومَين من الجبهة الشعبية الجديدة، في ظلّ مشاركة منخفضة بلغت 24,95 في المئة، في الدائرة الأولى، فاز المرشح جان فيكتور كاستور بفارق كبير ضد مرشح مستقل. وفي الدائرة الثانية، أُعيد انتخاب دافي ريمان نائبا في الجمعية الوطنية، بالرغم من أنه كان المرشح الوحيد بعد انسحاب المرشحة المستقلة.
وفي المارتينيك، حقق النائب المنتهية ولايته جان فيليب نيلور (الجبهة الشعبية الجديدة) فوزا ساحقا (86,58 في المئة) على منافسه في حزب التجمع الوطني. كما حصل النائبان عن الجبهة الشعبية الجديدة المنتهية ولايتهما جيوفاني وليام ومارسيلين نادو على عدد كبير من الأصوات، وحققت المرشحة الاشتراكية بياتريس بيلاي مفاجأة في الدائرة الثالثة بفوزها بنسبة 54,53 في المئة من الأصوات في مواجهة جوني حجار النائب المنتهية ولايته عن الجبهة الشعبية الجديدة الذي كان متقدّماً في الجولة الأولى، وهذه المرة الثانية منذ 1988 التي لا يفوز فيها الحزب التقدمي في المارتينيك في هذه الدائرة.
وفي إقليم بولينيزيا الشاسع في المحيط الهادئ، تواجَه في الانتخابات التشريعية مناصرو الحكم الذاتي مع المنادين بالاستقلال المنتهية ولايتهم في الدوائر الانتخابية الثلاث، وفي الدائرة الثالثة، حافظت المنادية بالاستقلال مارينا ريد أربيلو على مقعدها بنسبة 50,87%، كما فاز المرشح المناصر للاستقلال نيكول سانكي في الدائرة الثانية بحصوله على 55,88% من الأصوات في مواجهة النائب المنتهية ولايته ستيف شايو، وفي الدائرة الأولى، فاز الاستقلالي من اليمين الوسط موراني فريبو من الجولة الأولى بحصوله على 54% من الأصوات
وبعد الإعلان عن هذه النتائج، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن كتلة الوسط لا تزال “حيّة” بعد سنواته السبع في السلطة، وقال إنه ينتظر “تشكيلة” الجمعية الوطنية الجديدة من أجل “اتخاذ القرارات اللازمة”، وأضافت الرئاسة في بيان “سيحترم الرئيس، باعتباره الضامن لمؤسساتنا، خيار الشعب الفرنسي”.
من جانبها قالت مارين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف إن الرئيس إيمانويل ماكرون في وضع “لا يمكن الدفاع عنه”، بعد أن بدا أن تحالفا يساريا يحتل بشكل غير متوقع المركز الأول في البرلمان دون تحقيق أغلبية، وقالت إن حزبها خسر فقط بسبب التصويت التكتيكي بين ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة ومعسكر ماكرون. وأضافت “لقد تأخر انتصارنا فقط”.
كما انتقد رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا ما أسماه “تحالف العار” الذي حرم الفرنسيين من “سياسة إنعاش”، وقال بارديلا “يُجسّد حزب التجمع الوطني أكثر من أي وقت مضى البديل الوحيد”، متعهدًا أن حزبه لن ينزلق نحو “أي تسوية سياسية ضيقة” ومؤكدًا أن “لا شيء يمكن أن يوقف شعبًا عاد له الأمل”.
أما زعيم اليسار الراديكالي الفرنسي جان لوك ميلانشون زعيم حزب فرنسا الأبية فقد طالب رئيس الوزراء بـ”المغادرة” وأنه ينبغي على الجبهة الشعبية الجديدة متصدرة الانتخابات التشريعية في فرنسا أن تحكم”، وقال: “شعبنا أطاح بوضوح أسوأ الحلول”.
وقال زعيم حزب فرنسا نيسيوس، أحد الأحزاب الخمسة في الجبهة الشعبية الجديدة، إن “موجة رائعة من التعبئة المدنية قد ترسخت! ومن الواضح أن الشعب الفرنسي رفض السيناريو الأسوأ”.
توجهات التحالفات السياسية التي تصدرت الانتخابات الفرنسية
(1) تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري
اتفقت الأحزاب السياسية التي تمثل اليسار، بما شمل الاشتراكيين والخضر من اليسار المعتدل والحزب الشيوعي وحزب فرنسا الأبية بزعامة جان لوك ميلنشون من اليسار المتطرف على تشكيل ذلك التحالف.
وتعهد التحالف اليساري بما يلي:
– وضع حد أقصى لأسعار السلع الأساسية مثل الوقود والأغذية.
– رفع الحد الأدنى للأجور إلى صافي 1600 يورو شهريا.
– رفع أجور العاملين في القطاع العام.
– فرض ضريبة الثروة وإدخال تعديلات على ضريبة الميراث.
– وقف مشاريع بناء الطرق السريعة الجديدة.
– اعتماد قواعد لمكافحة هدر مياه الشرب.
– إلغاء تعديلات نظام التقاعد التي نفذها ماكرون والعمل من أجل عودة سن التقاعد إلى الستين.
– إنهاء إجراءات التقشف التي فرضت بموجب قواعد ميزانية الاتحاد الأوروبي.
– إدخال تعديلات على السياسات الزراعية المشتركة مع أوروبا.
(2) ائتلاف “معا” المنتمي لتيار الوسط والرئيس ماكرون
حث ماكرون الأحزاب المعتدلة على الانضمام إلى تحالفه الانتخابي في مواجهة تيارين ينحيان للتطرف من اليمين واليسار دون تحقيق نجاح يذكر حتى الآن، ويسعى الرئيس، الذي حذر من خطر اندلاع “حرب أهلية” إلى تصوير ائتلافه على أنه الأمل الأخير من أجل الاستقرار، وتعهدت كتلة ماكرون بما يلي:
– تعليق التعديلات على نظام تأمينات البطالة الذي يهدف لتشديد قواعد الحصول على الاعانات الاجتماعية.
– الاستمرار في جهود توفير فرص عمل من خلال سياسات داعمة لقطاع الأعمال.
– استبعاد زيادة الضرائب على الأسر.
– ربط معاشات التقاعد بالتضخم وحماية القوة الشرائية.
– تخفيف الرسوم على أصحاب العمل لتسهيل زيادة الأجور للعاملين بأجور منخفضة.
– إتاحة تأمين صحي إضافي منخفض التكلفة للمحتاجين.
– التركيز على العجز في ميزانية البلاد ومقاومة الإنفاق المفرط.
– التعامل بحزم أكبر مع جرائم الأحداث.
(3) التجمع الوطني اليميني المتطرف
أبرم حزب التجمع الوطني، المتشكك في الاتحاد الأوروبي، بزعامة مارين لوبان صفقة مع إيريك سيوتي، الذي كان يتزعم حزب “الجمهوريون” المحافظ حتى قطع معظم ساسة الجمهوريين العلاقات معه بعد اتفاقه مع اليمين المتطرف، وتعهد التجمع الوطني بما يلي:
– دعم إنفاق الأسر من خلال تخفيضات ضريبية على الغاز والبنزين والنفط.
– إلغاء قرار ماكرون رفع سن التقاعد إلى 64 من 62 عاما، على الرغم من أن ذلك أقل من تعهد سابق بخفض سن التقاعد القانوني إلى 60 عاما وتراجع عنه الحزب بسبب قيود الميزانية.
– الخروج من سوق الكهرباء المشتركة للاتحاد الأوروبي لتقديم أسعار أقل لسكان البلاد.
– تحسين إتاحة خدمات الصحة العامة في المناطق الريفية.
– تغليظ العقوبات الجنائية لجرائم المخدرات وجرائم العنف ضد ضباط الشرطة.
– تقليص الإعانات الاجتماعية لأسر القصر الذين أدينوا بارتكاب العديد من الجرائم.
– الحد من الهجرة وتيسير قواعد طرد المهاجرين غير المسجلين وتقييد إجراءات لم شمل الأسر.
– تجريم الإقامة في فرنسا دون تصريح.
مسارات تشكيل الحكومة
ينص الدستور على أن ماكرون لا يمكنه الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة لمدة 12 شهرا أخرى، كما ينص الدستور على أن يختار ماكرون من سيشكل الحكومة، وأيا كان من سيختاره سيواجه تصويتا على الثقة في الجمعية الوطنية في 18 يوليو/تموز 2024.
وفي إطار النتائج التي انتهت إليها الانتخابات بجولتيها الأولى والثانية، تبرز عدة سيناريوهات أو قد يلجأ إليها ماكرون فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، من بينها:
السيناريو الأول: هو إقناع الاشتراكيين وربما “الخضر” بالانضمام لتحالف معه، وفي الوقت نفسه إقناع اليمين التقليدي بالانضمام لنفس التحالف، الذي يمكن أن تتضمن عناوين برنامجه العريضة تسويات كثيرة للفترة المقبلة والتي قد تمتد لعام أو عامين حتى تتهيّأ الأمور لانتخابات رئاسية جديدة، وفي هذا السيناريو يستثني ماكرون حزب “فرنسا الأبية” الذي يقوده ميلانشون، ويستثني اليمين المتطرف بقيادة لوبان وبارديلا.
السيناريو الثاني: تشكيل حكومة تكنوقراط بعيداً عن التحالفات الرئيسية الثلاثة التي فازت في البرلمان، ولا تطلب الثقة من البرلمان، وتتبنى سياسات هادئة حتى لا تتعرض إلى حجب الثقة عنها.
السيناريو الثالث: الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال حتى انتهاء الألعاب الأولمبية، وبعدها يبدأ ماكرون جولة نقاشات ومفاوضات جديدة بهدف رسم معالم المرحلة المقبلة ومفاوضات مع اليسار تحديدا على شكل الحكومة التي يمكن تشكيلها.
وكل هذه السيناريوهات تواجه صعوبات دستورية واحتمالات تعايش صعبة بين ماكرون وبين البرلمان الذي أعيدت إليه بعض الأهمية التي افتقدها حين كانت الأكثرية موالية للرئيس، وحتى لو نجح ماكرون في إقامة تحالفات مع أحزاب ضعيفة فإنها ستبقى مؤقتة ومحدودة، وإن كانت أحزاب جبهة اليسار تبدو متماسكة وحريصة على وحدتها في هذه المرحلة.
وأمام كل هذه السيناريوهات، التي يمكن أن يفكر فيها ماكرون، للحفاظ على سيطرته على الحكومة، يبرز السيناريو الذي تفرضه نتائج الانتخابات، وهو دعوة ماكرون لجبهة اليسار لاختيار رئيس وزراء وتشكيل حكومة، وتبقى قدرتها على بناء التحالفات هي المعيار للبقاء في الحكم من عدمه.