القطيعة بين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد، بدأت قبل سنوات من بداية الحرب وبعد فترة وجيزة مما يسمي بالثورة وقتها، سببها الاساسي أن البرهان كان غاضبًا جدًا من التواصل والتعاون المستمر بين أبوظبي وحميدتي وكان الجيش دائمًا يرصد إمداد تسليح الدعم السريع بأجهزة ومعدات متطورة دون أن يقدم أي رصاصة حتي للقوات المسلحة، وكذلك رصد بنك السودان تدفق أموال مستمر من حكومة وحسابات في أبوظبي في حسابات الدعم السريع في السودان.
وقتها تحدث عدد من المسؤولين إلى أبوظبي ومنهم البرهان شخصيًا، لكن أبوظبي تجاهلت هذه الاستفسارات وواصلت، بل زادت التعاون والامداد بينها وبين الدعم السريع.
علاقة حميدتي بالبرهان كانت جيدة في ذلك الوقت لذلك حاول حميدتي تصوير الامر للبرهان بأنه في النهاية يصب في صالح الجيش والدولة، ولم تتوقف محاولات التواصل بين البرهان وبن زايد، وكانت مصر هي الأكثر إصرارًا علي هذا التواصل بين الطرفين وآخرها كان قبل الحرب بشهور عندما قدمت الدعوة للرئيس البرهان لزيارة أبوظبي بحضور الرئيس المصري نفسة صاحب المبادرة، وكان الغرض منها تقريب وجهات النظر بين البلدين وإقناع ابوظبي من قبل مصر أن الجيش يمكن أن يكون بديلًا للدعم السريع، في تحقيق مصالح الامارات في السودان والاقليم لكن اللقاء فشل ولم يحقق أي تقدم بين الأطراف.
دلالات زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي
مؤخرًا قام رئيس الوزراء الاثيوبي وخلال زيارته للخرطوم بمحاولة فتح قناة التواصل من جديد بين البرهان وبن زايد والسبب في ذلك تخوف إثيوبيا من انتقال الصراع من أقاليم سودانية متاخمة على الحدود الاثيوبية إلى الداخل الإثيوبي.
وقد دخل مؤخرًا عدد كبير من مقاتلي التقراي إلى داخل الحدود السودانية لترتيب أوضاعهم وبعدها شن هجمات علي الجيش الإثيوبي من هناك. ومعلوم أن الوضع في إثيوبيا ممكن أن ينفجر في أي لحظة بسبب امتعاض قوميات كثيرة وكبيرة على سياسات أبي أحمد.
السبب الآخر للزيارة، هو محاولة أبي أحمد سحب البساط من إريتريا ومصر والحد من دعمهما السياسي للسودان عمومًا ومقاطعتهم للدعم السريع، كما أن المسألة لا تخلو من محاولات وايحاءات خجولة من أبو ظبي للتواصل مع البرهان والحكومة السودانية، أمام الضغط السياسي الدولي على أبو ظبي لوقف دعم المليشيا والتشويه الذي حدث لصورة أبوظبي عالميًا، بسبب مقاطع الفيديوهات التي تظهر الانتهاكات والفظائع بحق المدنيين في السودان.
ما حدث هو أن أبي أحمد طرح فكرة التواصل للبرهان خلال زيارته الأخيرة لبورتسودان، وواضح أن المقترح كان أن تتواصل أبوظبي مع البرهان أو يتواصل البرهان مباشرة، لكن البرهان لم يقم بالاتصال من جانبه ويبدو أن أبوظبي أيضًا لا ترغب في أن تري وكأن الاتصال كان من طرفها، لذلك اضطر أبي أحمد للقيام بمكالمة جماعية من طرفه. ومعلوماتنا تقول إن المكالمة لم تكن جيدة بالنسبة للطرفين، مما دعا أبوظبي للإعلان عن المحادثة في وكالة الأنباء الرئيسية، وأن المتصل هو البرهان وليس ابن زايد، وهو مخالف لما كان متفق عليه مع أبي أحمد بالبقاء علي الاتصالات الأولية سرية، وبعدها بساعات أعلن مجلس السيادة السوداني عن المحادثة وأشار إلى أن المحادثة تمت باتصال من ابن زايد، وهو ما يعني أن الاتصال الأول بين الطرفين بعد فترة طويلة من الانقطاع قد فشل.
لكن ما زالت محاولات أبي أحمد متواصلة وقد اقترح قمة ثلاثية عاجلة في اثيوبيا بين البرهان وبن زايد وأبي أحمد، لكن ليس معلوماً حتى الآن إن كان البرهان سيذهب أم لا؟ لأن الشرخ والجرح وعدم الثقة أكبر بكثير من أن تُعالج هذه القمة الخلافات بين الطرفين، بجانب أن مصر واريتريا قد لا يشعران بالراحة تجاه هذه الخطوة وكذلك السعودية أيضًا.