تمكن مقاتلو المعارضة السورية من اختراق مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، بعد تفجير سيارتين مفخختين، وكانوا يشتبكون مع القوات الحكومية يوم الجمعة، وفقاً لمقاتلين ومراقبين.
وقد اقتربت قوات المعارضة من مدينة حلب خلال الأيام الماضية، وتمكنت من السيطرة على عدة مدن وبلدات على طول الطريق. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مراقب حرب، إن مقاتلي المعارضة فجروا سيارتين مفخختين عند الطرف الغربي للمدينة يوم الجمعة.
وأصدر أحد قادة المعارضة رسالة مسجلة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، يدعو فيها سكان المدينة إلى التعاون مع القوات المتقدمة. وواصل الآلاف من مقاتلي المعارضة السورية تقدمهم نحو المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في شمال غرب البلاد، ووصلوا إلى مشارف مدينة حلب، واستولوا على عدة بلدات وقرى استراتيجية على طول الطريق، وفقاً للنشطاء والمقاتلين يوم الجمعة.
وقالت وسائل الإعلام الحكومية السورية إن قذائف أُطلقت من مناطق المعارضة سقطت في مجمعات سكنية لطلاب جامعة حلب في وسط المدينة، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم طالبان. كما أفادت التقارير أن وسائل النقل العامة قد تم تحويلها بعيداً عن الطريق السريع الرئيسي الرابط بين حلب والعاصمة دمشق لتجنب الاشتباكات، حسبما أفادت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة.
وأفاد سكان في حلب بأنهم سمعوا أصوات صواريخ في أطراف المدينة. كما تقدمت القوات المقاتلة نحو مدينة سراقب في محافظة إدلب الشمالية الغربية، وهي منطقة استراتيجية من شأنها تأمين خطوط الإمداد إلى حلب.
تعد هذه الهجمات التي وقعت هذا الأسبوع من أكبر الهجمات التي شنتها فصائل المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام (HTS)، وهي تاتي بعد أسابيع من العنف الذي كان على درجة منخفضة. وتعد هذه أعنف الاشتباكات في شمال غرب سوريا منذ عام 2020، عندما استولى الجيش السوري على المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة. كما أنها أكبر هجوم من قبل مقاتلي المعارضة على المدينة منذ أن تم إخراجهم من منطقتها الشرقية في عام 2016.
وقالت القوات المسلحة السورية إن مقاتلي المعارضة ينتهكون اتفاقاً تم التوصل إليه في عام 2019، والذي كان يهدف إلى خفض التصعيد في المنطقة، التي تعد آخر معقل للمعارضة في البلاد منذ سنوات.
وذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن الطيران الحربي شن غارات جوية على مواقع المعارضة في ريفي حلب وإدلب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن العشرات من المقاتلين من الجانبين قد قُتلوا في المعارك التي بدأت يوم الأربعاء. وقد سيطرت المعارضة على أكثر من 50 قرية خلال تقدمها، الذي يبدو أنه فوجئ فيه الجيش السوري.
وجاء الهجوم في وقت كانت فيه المجموعات المرتبطة بإيران، والتي دعمت القوات السورية منذ عام 2015، منشغلة في معركتها الخاصة في بلادها.
وقد تصاعدت الحرب بين إسرائيل وحزب الله، القوة الرئيسية في التحالف المدعوم من إيران، منذ سبتمبر الماضي. وتم إعلان وقف إطلاق النار يوم الأربعاء، وهو نفس اليوم الذي أعلنت فيه الفصائل المعارضة هجومها. كما تصاعدت الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف مرتبطة بحزب الله وإيران في سوريا خلال السبعين يوماً الماضية. وقال رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد، إن حزب الله كان القوة الرئيسية في سيطرة الحكومة على المدينة.
وأفاد مقاتلو المعارضة بأنهم استولوا على حي المركز البحثي العلمي، الذي يقع على بعد حوالي 4 كيلومترات (2.5 ميل) من الأطراف الغربية لمدينة حلب. وذكرت وسائل الإعلام التابعة للحكومة أن الاشتباكات مستمرة في المنطقة، نافية أن تكون المعارضة قد سيطرت عليها. لم تتمكن وكالة أسوشيتد برس من التحقق من هذه الادعاءات على الفور.
نشر مقاتلو المعارضة مقاطع فيديو عبر الإنترنت تظهر استخدامهم للطائرات المسيرة في تقدمهم، وهي سلاح جديد لم يكن لديهم في المراحل السابقة من مواجهتهم مع القوات الحكومية. ولم يتضح إلى أي مدى تم استخدام الطائرات المسيرة في ساحة المعركة.
وذكرت وكالة الأناضول التركية، نقلاً عن تقارير من إدلب، أن مقاتلي المعارضة السورية سيطروا على منطقة تبلغ مساحتها حوالي 400 كيلومتر مربع في محافظتي حلب وإدلب، ووصلوا إلى مسافة كيلومتر واحد (0.6 ميل) من الأطراف الشرقية لمدينة حلب.
كما أفادت الوكالة بأن المقاتلين المعارضين هاجموا قاعدة جوية عسكرية جنوب شرق مدينة حلب بالطائرات المسيرة في وقت مبكر من يوم الجمعة، مما أدى إلى تدمير مروحية.
وأشارت الوكالة إلى أن الجماعات المعارضة استولت على أسلحة ثقيلة ومستودعات ومركبات عسكرية تابعة للقوات الحكومية خلال تقدمها.
وقالت جماعات الإغاثة إن القتال أجبر آلاف العائلات على النزوح، وأدى إلى تعليق بعض الخدمات. وذكرت فصائل المعارضة أن هجومها سيسمح بعودة آلاف النازحين الذين اضطروا إلى الفرار من القصف الحكومي في الأسابيع الأخيرة.
كانت معركة حلب في عام 2016 نقطة تحول في الحرب بين القوات الحكومية السورية والمقاتلين المعارضين منذ احتجاجات 2011 ضد حكم بشار الأسد التي تحولت إلى حرب شاملة.
وكانت روسيا وإيران والمجموعات المتحالفة معها قد ساعدت القوات السورية في استعادة السيطرة على كامل مدينة حلب في ذلك العام، بعد حملة عسكرية شاقة وحصار دام أسابيع.
وكانت تركيا قد دعمت الفصائل المعارضة الرئيسية، ولديها وجود عسكري في أجزاء من شمال غرب سوريا. وبالتوازي، وفي الجزء الشرقي من سوريا، قدمت الولايات المتحدة الدعم للقوات الكردية السورية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية.
أسوشيتد بريس