الملخص
تتناول هذه الورقة تحليلاً لاتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، الذي يُعد تطورًا محوريًا في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. حيث تركز هذه الورقة على أبعاده المتعددة، بما في ذلك الآثار المترتبة على السياسة الداخلية في إسرائيل، تداعياته على الجيش، انعكاساته على المجتمع الإسرائيلي والانقسامات داخله.
حيث اُعتبر الاتفاق من الناحية الإسرائيلية بمثابة انكسار أمام المقاومة، واتفاق هزيمة كما وصفه وزير الأمن القومي المستقبل على خلفيته إيتمار بن جفير، وعدّه رائد خطة الجنرالات جيورا ايلاند بمثابة انتصار لحماس، وخرجت جموعٌ من اليمين المتطرف إلى الشارع احتجاجا عليه مهاجمة بنيامين نتنياهو رئيس حكومتهم، ولم يسلم كذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هذا الهجوم أيضاً.
كما تتناول الورقة انعكاسات الاتفاق على قطاع غزة والسيناريوهات التي تنتظر القطاع ما بعد هذا الاتفاق الذي يُعدّ نصراً كبيراً لقطاع غزة الذي صمد وقاتل، واستطاعت مقاومته مواجهة الآلة الإسرائيلية الثقيلة بإثخان كبير في جيش الاحتلال، وسط تماسك كبير وهرمية بقيت سيدة الموقف رغم ادعاءات الاحتلال بتفكيكها، وهذا ما فضحته الصور الأخيرة اثناء تسليم الأسرى من قبل المقاومة للصليب الأحمر.
لكنّ القطاع أيضاً سيواجه حقيقة الدمار الواسع، والألم الذي اكتنف كلّ بيت غزي، وسط عدم وضوح لآلية إنعاش حياة الناس الاقتصادية، وكذلك مسيرة الأعمار التي ستطول لأعوام ربما طويلة، إلى جانب غياب استراتيجية فلسطينية داخلية موحدة لمواجهة التحديات الأمر الذي يزيد من التحديات الداخلية في قطاع غزة.
كلمة السر في الاتفاق
هناك مجموعة من العوامل التي دفعت للوصول إلى هذه الصفقة، منها ما ارتبط بالداخل الإسرائيلي، وعجز حكومة نتنياهو عن تحقيق أهدافها الاستراتيجية، وطول أمد الحرب وانعكاساته العسكرية والمجتمعية، لكن كلمة السرّ في الوصول إلى هذا الاتفاق كانت وصول دونالد ترامب إلى سدّة الحكم في البيت الأبيض، والذي لم يخفِ صراحة رغبته بإنهاء الحرب، وإن كان يعبر عن ذلك بأنّ الجحيم سيُفتح إن لم يعد الرهائن.
وما يعبر عن جدّية ترامب في هذا الاتجاه ليس الانقلاب في مواقف نتنياهو فحسب، إنّما مبعوث ترامب إلى المنطقة، ويتكوف، حيث كان له ثقل بارز في التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى، ويعرف ويتكوف بعلاقته الوثيقة بترامب، والأهم هو إعلان بقائه في المنطقة لضمان تنفيذ الاتفاق بشكل كامل.
لترامب الكثير من المصالح التي في جزءٍ منها سيكون انعكاسات إيجابية على إسرائيل، حيث أنّ مساعيه للاتفاق ذات أبعاد شخصية وسياسية، يُلخصها الإسرائيليون بالرغبة لتحقيق انجازات دبلوماسية، ونيل جائزة نوبل للسلام، والأهم إقامة علاقات تاريخية بين إسرائيل والسعودية والتصدي للتهديد الإيراني وتحسين صورته الدولية، الأمر الذي يعني أنّ العوائد على إسرائيل ايضاً ستكون كبيرة.
الانعكاسات على إسرائيل
لا شكّ أنّ هذا الاتفاق سيزيد من عُمق الأزمة السياسية في إسرائيل عموماً وداخل الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو، حيث أنّ إيتمار بن جفير زعيم حزب قوّة يهودية ووزير الأمن القومي استقال من منصبه هو ووزراء حزبه، فيما بتسلائيل سموتريتش زعيم الصهيونية الدينية يضغط هو الآخر باتجاه العودة للحرب ويلوح بإمكانية الاستقالة، ما يعني أنّ حكومة نتنياهو ستفقد الأغلبية.
نتنياهو سيدعي أمام الجمهور الإسرائيلي أنّ اطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين أهم من الائتلاف الحاكم، لكن هو على الطرف الآخر يعي تماماً أنّ لديه حكومة ستستمر في الحكم، كون سموتريتش من المستبعد أن ينسحب من الائتلاف، وحتى ايتامار بن جفير لن يصوت لإسقاطها رغم أنّه خارجها الآن، فهذه حكومة الأحلام اليمينية.
أزمة حكومة نتنياهو ستكون في حجم الابتزازات الداخلية اليوم، فمن أجل استمرارها سيخضع نتنياهو للمزيد من مطالب الأحزاب الدينية، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من الحراك الشعبي الإسرائيلي ضدها، وسيخلق حالة من الضغط المستمر على نتنياهو وعدم استقرار حكومي، سيؤدي إلى عدم قدرته على معالجة الكثير من القضايا التي ستؤدي إلى وصوله الانتخابات المقبلة وهو في أسوأ أحواله.
كشفت الحرب على قطاع غزة حجم ما تعانيه إسرائيل فيما يتعلق بالجيش وقضايا التجنيد، وهذا ما يدفع اليوم بعض السياسيين مثل بتسلائيل سموتريتش بالمطالبة بإقالة رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي تحت عنوان أنّه السبب والمعيق في تحقيق أهداف الحرب وأنّ إسرائيل بحاجة لقيادة جديدة لجيشها، الأمر الذي فتح بابا واسعا لأزمة آخذة في الازدياد بين التيارات الإسرائيلية على خلفية نوايا حكومة نتنياهو تجاه هليفي.
وستدخل إسرائيل الآن في جدلية بناء استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات، لكن الأهم الخلاف الحاصل على الشكل المطلوب للجيش الإسرائيلي، خاصة بعد فشل نظرية الجيش الصغير والقاتل، والإقرار الإسرائيلي بالحاجة إلى جيش كبير ومستعد لحروب طويلة المدى، في ظل أنّ التحديات تزداد والفشل في قطاع غزة سيفتح شهية آخرين لمواجهة إسرائيل خلال السنوات القادمة.
كما تواجه إسرائيل انخفاضًا في عدد المجندين بسبب تغييرات ديموغرافية وزيادة رفض التجنيد بين فئات معينة مثل المجتمع الحريدي (المتشددين دينيًا) وأوساط اليسار والعرب داخل إسرائيل. وحينما جاء وزير الجيش الإسرائيلي قبل أسبوع لطرح آلية للحل هوجم من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث اعتبر الجيش مشروع قانون التجنيد الذي اقترحه وزير الدفاع الإسرائيلي، لا تلبي الاحتياجات العسكرية الحالية للجيش، خاصةً بالنظر للحروب المقبلة والخطط الأمنية المستقبلية. حيث يؤكد الجيش على نقص حاد في عدد الجنود سيُعيق قدرة الجيش على أداء مهامه.
كما أظهرت الحرب تراجع ثقة المجتمع الإسرائيلي في جيشه بحدود 10 درجات مقارنة مع ما قبل الحرب، كما أنّ التدخل السياسي في شؤون الجيش، خصوصًا فيما يتعلق بالإصلاحات القضائية والسياسات الأمنية، أدى إلى تآكل الثقة بين المؤسسة العسكرية والجمهور. ما أدى إلى امتداد الأزمة إلى الجيش نفسه، حيث أبدى بعض الضباط والجنود ولأول مرّة رفضهم العلني للقرارات السياسية التي تؤثر على استقلال الجيش.
كما كشفت الحرب أنّ إسرائيل تعاني من صعوبة التعامل مع حركات المقاومة غير النظامية مثل حماس وحزب الله، التي تستخدم تكتيكات العصابات والحرب غير التقليدية. ما أظهر الجيش الإسرائيلي عاجزاً عن تحقيق “نصر حاسم” في معارك مع الفصائل الفلسطينية وما زاد من حالة الاستنزاف، وأدخل إسرائيل في دائرة نقاش مستدامة حول نظريتها الأمنية.
الأزمة المجتمعية في إسرائيل بعد الاتفاق الأخير مع حماس تعكس التوترات العميقة والانقسامات التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي على المستويين السياسي والاجتماعي. الاتفاق، الذي جاء بعد موجة من التوترات الأمنية والضغوط المحلية والدولية، سيؤدي إلى إطلاق سراح آلاف من الأسرى الفلسطينيين مقابل رهائن إسرائيليين، وهو ما خلق تداعيات مجتمعية واسعة النطاق.
من أبرز ملامح هذه الأزمة شعور شريحة كبيرة من الإسرائيليين بالانقسام حول طبيعة الاتفاق وجدواه. من جهة، يرى البعض أن هذه الصفقات ضرورة إنسانية تهدف إلى حماية حياة الإسرائيليين المحتجزين واستعادتهم بأي ثمن، وهي تعكس التزام الحكومة بحماية مواطنيها. ومن جهة أخرى، ينتقد كثيرون هذه الاتفاقات، معتبرين أنها تشجع الفصائل الفلسطينية على تنفيذ مزيد من عمليات الأسر، مما يهدد أمن إسرائيل على المدى البعيد. هذا الانقسام بين مؤيد ومعارض للصفقة يعكس الشرخ العميق بين الإسرائيليين، خاصة في ظل الأزمات السياسية التي تعيشها البلاد.
إلى جانب ذلك، الاتفاق زاد من تعميق الفجوة بين التيارات السياسية المختلفة. اليمين الإسرائيلي، الذي يشدد على الأمن والقوة كحلول رئيسية، يرى في الاتفاق تنازلاً خطيراً يضعف موقف إسرائيل ويعطي حماس انتصاراً معنوياً. بالمقابل، التيارات اليسارية والليبرالية تميل إلى النظر للصفقة كإجراء ضروري يحمل بُعداً إنسانياً، رغم الانتقادات الأمنية المصاحبة لها. هذا الصراع بين التيارين يعكس أزمة أوسع تتعلق بطبيعة التعامل مع الفلسطينيين ومستقبل الصراع في المنطقة.
الجانب الآخر للأزمة يتمثل في الشعور بفقدان الثقة في القيادة السياسية واتهامها بأنّها أدارت الحرب لحسابات ذاتية مرتبطة بالاستمرار في الحكم. كما أنّ الحكومة الإسرائيلية تعرضت لانتقادات حادة من المعارضة وحتى من داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، حيث يُنظر إلى القرارات المتعلقة بالصفقة على أنها ارتجالية وغير مدروسة. هذا الوضع أدى إلى تصاعد الاحتجاجات الداخلية واتهامات بعدم الشفافية وضعف التخطيط. في الوقت نفسه، هناك شعور متزايد بالقلق بين الجنود وعائلاتهم، حيث يخشى الكثيرون أن تُعرض هذه الاتفاقات حياتهم للخطر في المستقبل.
على المستوى الأوسع، الأزمة المجتمعية تعكس تراجع الثقة بالمؤسسات الأمنية والسياسية في إسرائيل. العمليات العسكرية الأخيرة أظهرت نقاط ضعف في أداء الجيش الإسرائيلي، ما زاد من الشعور بعدم اليقين بشأن قدرة الحكومة والمؤسسة العسكرية على حماية الإسرائيليين. مع تصاعد الانتقادات الدولية والمحلية، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها أمام تحدٍ مزدوج: مواجهة الضغوط الخارجية ومصالحة الداخل المنقسم.
4.اليوم التالي للحرب؟
أحد أبرز ملامح الفشل والأزمة التي ستلاحق بنيامين نتنياهو وحكومته، حيث تعهد بالقضاء على حماس وإيجاد حكم بديل، وصل الى حدود رفضه حتى لعودة السلطة تحت عنوان “لا حماسستان ولا فتحستان”، لكنّ النتيجة كانت العودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر، ما يعني بقاء فرص التهديد على المدى الاستراتيجي قائمة وربما أكثر خطورة، في ظل أزمات القطاع.
أزمة نتنياهو في هذه القضية تنبع من عدم تقبله لسيل النصائح الداخلية والخطط السياسية والعسكرية، التي طالبته بوضع سيناريو اليوم التالي للحرب والاتفاق عليه إقليمياً ودولياً، لأنّ ذلك السبيل الوحيد للوصول إلى نتيجة مرضية، ادار نتنياهو الظهر لكلّ ذلك، فكانت النتيجة السيناريو الأسوأ الذي استبعدته إسرائيل، وهذا سيخلق تداعيات داخلية من الشعور بعدم الثقة، والفشل في تحقيق أيّ من أهداف الحرب.
انعكاسات الاتفاق على قطاع غزة.
هذا الاتفاق في أهم زواياه أوقف حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في القطاع، ورغم فاتورة الدماء العالية التي دفعها الغزيون، إلّا أنّ صمودهم الأسطوري ساهم بتبديد كلّ أهداف الاحتلال الاستراتيجية المرتبطة بالتهجير، إعادة الاحتلال وانشاء مستوطنان جديدة داخل القطاع، وإقامة حكم عسكري في قطاع غزة.
ومن المتوقع أن تتحسن الظروف المعيشية لسكان قطاع غزة، الذين عاشوا مجاعات شديدة خلال هذه الحرب، حيث ستتدفق المعونات الإنسانية والطبية، لكن تبقى المعضلة الحقيقية فيما يتعلق ببرنامج إعادة الاعمار وما يكتنفه من بعض الغموض، والحاجة إلى سنوات طويلة لتنفيذه إذا ما تم تطبيق ما يُتفق عليه بين الأطراف المختلفة.
كما أنّ الهدنة ودخولها حيز التنفيذ، فتحت جرحاً مؤجلاً لدى الفلسطينيين، حيث سيبدأ سكان القطاع الآن بلملمة الجراح الثقيلة، فكلّ بيت غزي فيه فقيد أو جريح أو أسير، الكارثة الإنسانية ليس من السهل أن تفارق أذهان وعقول الغزيين والفلسطينيين عموماً، فهذا جرح عميق غائر في النفوس، سيلاحق الفلسطيني لسنوات طويلة، خاصة في ظلّ المعاناة الإنسانية التي ستحتاج إلى سنوات لتخطيها.
عزز الاتفاق قوّة حماس العسكرية ورفع من شعبيتها خاصة خارج حدود القطاع، في ظل اعتبارها الصخرة التي تكسرت عليها طموحات اليمين الإسرائيلي، إلى جانب ظهورها المتماسك الذي أعطى إشارات عامة بأنّه لا يُمكن تجاوز الحركة في القطاع، صححي أنّها أبدت قبولاً بتخليها عن الحكم، لكن في ذات السياق تؤكد على دورها كشريك وطني لن يقبل بتمرير رؤى خارجية وشاذة على الشعب الفلسطيني.
أحد أبرز التحديات التي ستواجه غزة والفلسطينيين عموماً هو استمرار الانقسام الفلسطيني، حيث سيكون عائقاً في تمرير الكثير من المشاريع في قطاع غزة، لاعتبارات مرتبطة أنّ قوى إقليمية ودولية لن تقبل بالتعاطي مع حماس، ومنة جانب آخر يبدو أنّ السلطة الفلسطينية تُدرك ذلك، وتضع العصي في الدواليب من أجل تحقيق مكاسب أعلى، ورسم سيناريو يوائم تطلعاتها وليس تنطبيق ما تم الاتفاق عليه.
السيناريوهات المتوقعة
أ. صمود الاتفاق
هذا السيناريو الأرجح ولكن ذلك يحتاج إلى التزام إسرائيلي وإلزام امريكي لإسرائيل، والحاجة إلى وجود دعم إقليمي ودولي من أجل استمراره خاصة أنّ هذا الاتفاق يُساهم نسبياً في استقرار المنطقة ككل، كما أنّ هناك حاجة لعدم انفجار أيّ من الصواعق في المنطقة، والتي من شأنها أن تؤدي إلى انهيار هذا الاتفاق كون غزة هي حجر الأساس في الصراع المتفجر منذ عام وأربعة شهور.
سيناريو صمود الاتفاق مرتفع، ويُمكن القول أنّ الدور الأمريكي واضح في جديته بإنهاء الحرب، كما أنّ إسرائيل تعاني من أزمات كبيرة ومطالبات بعدم العودة للحرب، وتبدي المقاومة الفلسطينية نوعاً من المرونة تُساهم باحتمالية استمراره، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه سيشهد خروقات وعدم التزام في المواعيد المحددة في بعض الأحيان وتأخير إسرائيلي لبعض الانسحابات، لكنّ ذلك لن يعطل جوهر الاتفاق.
وسيصمد ما توفر الضغط الأمريكي وطال أمده، مع التأكيد على أنّ سياسة إسرائيل الأمنية من خلال ما تطلق عليه “العمليات الجراحية” سيطل برأسه في قطاع غزة مع انتهاء مراحل الاتفاق، ما سيولد حالة من الصراع أقل من الحرب بكثير، لكنّها لن تصل إلى مرحلة الهدوء التام، وهذا ما يحتاج نتنياهو أيضاً من أجل القدرة على استمرار تسويق الاتفاق أمام حلفائه من اليمين المتطرف.
ب. انهيار الاتفاق
هذا السناريو مُحتمل، إذا تراجعت الرغبة الأمريكية في فرض الاتفاق، أو اندلعت حرب إقليمية أو تصعيد من نوع جديد بين إسرائيل وحرب الله أو إيران، حيث ستعود إسرائيل إلى حربها ضد غزة وان كان بوتيرة أقل، على افتراض أنّ القضية الأكبر تُغطي على الأصغر منها، لذلك خلال الحرب مع لبنان غاب المشهد الغزي، وتركزت المساعي هناك ولم يتم التطرق جدياً لملف غزة إلّا بعد انتهاء الحرب في لبنان.
على الطرف الآخر فإنّ أزمة الائتلاف الحاكم، قد تدفع نتنياهو للتفكير جدّياً بالعودة للحرب، خاصة في ظل احتجاجات شعبية بدأت تطل برأسها، ولجنة تحقيق رسمية قد يتم الدفع اليها، مما سيساهم بتراجع الاستقرار السياسي وزيادة الاستقطاب الداخلي، ما قد يجعل خيار الحرب لتخفيف وطأة الأزمة الداخلية وارداً.
ختاماً اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس يشكل مرحلة مفصلية في الصراع، لكنه يحمل في طياته تحديات معقدة على المستوى السياسي والاجتماعي والأمني. يعتمد نجاح الاتفاق على التزام اسرائيل به، إلى جانب الدعم الدولي المستمر له. وقد خلق الاتفاق باباً لأزمات لن تتوقف في إسرائيل، تدور حول فقدان ثقة المجتمع بكل شيء، فإنّه على الطرف الآخر يحمل آمالًا بتحسين الظروف المعيشية في غزة وتهدئة التوترات، إلا أنه قد يتحول إلى نقطة صراع جديدة إذا لم تتم إدارة تداعياته بحكمة.