المصدر: فورين بوليسي
قد يؤدي أي هجوم عسكري من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل إلى تغييرات عميقة في السياسة الداخلية الإيرانية، واستراتيجيات حلفاء واشنطن في الخليج، والتوازن الإقليمي العام.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتنقل بين التهديدات والمبادرات التفاوضية تجاه إيران. ورغم عرضه إجراء مفاوضات مباشرة، فإن النظام الإيراني الذي لا يزال يشك بشدة في واشنطن بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015، رفض هذا العرض.
ومع اقتراب إيران – حسب بعض التحليلات – من إنتاج سلاح نووي قابل للنقل خلال أسابيع، طرحت مجلة فورين بوليسي على ثلاثة خبراء سيناريوهات تأثير توجيه ضربة عسكرية أميركية أو إسرائيلية – أو كلاهما معًا – على السياسة الإيرانية، واستراتيجية السعودية، والتوازن الإقليمي.
ضربة عسكرية لإيران قد تُضعف قدرات واشنطن في آسيا
ضربات أميركية-إسرائيلية منسقة تستهدف المنشآت النووية والعسكرية ومراكز القيادة الإيرانية – بما في ذلك المواقع تحت الأرض – قد تؤخر بشكل كبير قدرة إيران على إنتاج قنبلة نووية.
المؤيدون لهذه الضربة يرون أنها قد تؤدي إلى تراجع إيران أو حتى تغيير سياستها النووية. في المقابل، يرى المعارضون أنها قد تدفع القيادة الإيرانية لتسريع برنامجها النووي بدلًا من التراجع.
حتى في حال نجحت الضربة في تأخير البرنامج النووي الإيراني، فإن ثمن ذلك سيكون التورط الأميركي طويل الأمد في صراع إقليمي قد يُضعف أولويات واشنطن الأمنية، خاصة في سياق التنافس مع الصين.
مثل هذه العملية تتطلب وجودًا عسكريًا مستمرًا، عمليات جوية مكثفة، وموارد ضخمة، ما يرهق قدرة الولايات المتحدة على الردع في مناطق أخرى حول العالم.
الدول الخليجية – مثل السعودية والإمارات – قد لا تدعم الهجوم، بل قد ترفض حتى منح المجال الجوي. ومع ذلك، أصبحت واشنطن وتل أبيب اليوم قادرتين على تنفيذ هجوم أولي من دون هذا الدعم، نتيجة تغيرات جيوسياسية مثل ما جرى في سوريا.
لكن على المدى الطويل، فإن حملة عسكرية شاملة ضد إيران قد تعيد تشكيل أولويات الأمن القومي الأميركي بطريقة غير مستدامة.
هجوم أميركي–إسرائيلي قد يعزز العلاقات بين السعودية وإيران
الشرق الأوسط يعيش مرحلة من التقلبات الحادة، وتصعيد الرئيس ترامب لا يساعد في تهدئة الأوضاع. ورغم تراجع نفوذ إيران في سوريا، و هزائم حلفائها مثل حزب الله، فإن الرياض تعلم أن إيران لا تزال تشكل تهديدًا جادًا.
السعودية تدرك أن إيران تحتفظ بثلاث أدوات ردع رئيسية: البرنامج النووي، البرنامج الصاروخي، وشبكة الوكلاء وعلى رأسهم الحوثيون.
في حال وقوع هجوم، ستتحرك السعودية بثلاثة اتجاهات دبلوماسية:
المفارقة أن أي ضربة إسرائيلية جديدة قد تُسرّع التقارب بين الرياض وطهران، حيث تسعى السعودية لتحويل التوترات إلى فرص دبلوماسية تعزز استقرارها الإقليمي.
تهديد خارجي قد يشعل مزيدًا من القمع الداخلي في إيران
أي ضربة عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية ستكون لها آثار داخلية عميقة، خاصة في ظل تزايد الغضب الشعبي ضد النظام في السنوات الأخيرة.
بعض قوى المعارضة تراهن على أن تدخلًا خارجيًا قد يُسهم في إسقاط النظام، لكن التجارب السابقة – خاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية– تُشير إلى العكس.
فعادةً ما يستخدم النظام الإيراني التهديدات الخارجية لتبرير القمع الداخلي، والتضييق على الحريات السياسية والاجتماعية، وتصوير المعارضين كعملاء لقوى أجنبية.
من ناحية البرنامج النووي، من المستبعد أن تتمكن أي ضربة من القضاء عليه تمامًا. فالمواقع الإيرانية محصنة تحت الأرض، والعلم النووي موجود ولا يمكن قصفه. حتى لو تم تدمير المنشآت، يستطيع العلماء الإيرانيون إعادة البناء.
لكن الأهم هو الأثر السياسي: الهجوم قد يدفع إيران إلى العدول عن تعهداتها بعدم السعي لسلاح نووي، ويقنع القيادة بأن امتلاك قنبلة نووية هو الضمانة الوحيدة للبقاء.
الرد الإيراني سيكون شديدًا على الأرجح، خاصة أن طهران حذرت مرارًا من أن أي هجوم سيحوّل المصالح الأميركية في المنطقة إلى أهداف مشروعة.
رغم أن البعض يشير إلى اغتيال قاسم سليماني في 2020 كمثال على ضعف الرد الإيراني، فإن البرنامج النووي يختلف جوهريًا باعتباره مشروعًا استراتيجيًا ممتدًا لعقود.
أي ضربة قد تؤدي إلى انفجار شامل في الشرق الأوسط يصعب السيطرة عليه.