الأزمة الاقتصادية الخانقة في سوريا تهدد بتقويض حكومتها الجديدة

بواسطة
أمد للدراسات
تاريخ النشر
02/09/2025
شارك المقالة

المصدر: واشنطن بوست

 

نص ترجمة أمد:

 

فرار الأسد أدى إلى تعليق حلفائه الإيرانيين لإمدادات النفط الحيوية، بينما لا تزال العديد من العقوبات الاقتصادية التي استهدفته في البداية سارية.

 

بعد شهرين من فرار الرئيس السوري بشار الأسد، لا تزال بعض المنازل القليلة التي تحظى بالكهرباء على مدار الساعة هي تلك المرتبطة بشبكةالكهرباء الخاصة بالوكالات الأمنية سيئة السمعة التي كانت تدعم حكمه.

 

اقتصاد سوريا في حالة يرثى لها بعد 13 عامًا من الحرب الأهلية. الخدمات العامة تنهار، وفي بعض الحالات، أصبح وضعها أسوأ مما كان عليه قبل سقوط الأسد. حلفاؤه الإيرانيون أوقفوا إمدادات النفط، مما أدى إلى تراجع إنتاج الكهرباء. والآن، تغرق أجزاء كبيرة من العاصمة في الظلام بمجرد غروب الشمس.

 

يواجه الرئيس المؤقت للبلاد، أحمد الشرع – المعروف سابقًا باسمه الحركي أبو محمد الجولاني – مهمة شاقة، وفقًا للخبراء. لضمان بقائه في السلطة وتجنب أزمة سياسية جديدة، يجب على حكومته المؤقتة زيادة إنتاج الطاقة بسرعة لتهدئة الشارع القلق، لكن خزائن الدولة فارغة. يتطلب التقدم الاقتصادي دعمًا من العالم الخارجي، لكنه يواجه خطر الخنق بسبب العقوبات الغربية التي عزلت سوريا عن الاقتصاد العالمي.

 

العقوبات الغربية.. عائق رئيسي

 

  • الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يؤكدان أنهما بانتظار أدلة على أن الحكام الجدد لسوريا سيلتزمون بالمعاييرالديمقراطية وضمان إشراك الأقليات قبل رفع جميع القيود، التي استهدفت في الأصل نظام الأسد.
  • تولّى الشرع قيادة هيئة تحرير الشام (HTS) التي كانت سابقًا فرعًا لتنظيم القاعدة. وعلى الرغم من أن المجموعة قطعت علاقاتها مع القاعدة عام 2016 وسعت إلى تقديم صورة أكثر اعتدالًا في شمال غرب سوريا، إلا أن الحكومتين الأميركية والأوروبية لا تزالان تصنفانها كمنظمة إرهابية.
  • رفعت واشنطن بعض العقوبات بعد سقوط الأسد، في محاولة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، لكن قيودًا كبيرة لا تزال مفروضة على القطاع المصرفي.
  • يقول خبراء العقوبات إن البنوك والأفراد يخشون التعامل مع السوريين حتى يتم رفع جميع القيود.

 

إستراتيجية البقاء للحكومة المؤقتة

 

تأمين التمويل، تأمين الطاقة، وتأمين إمدادات القمح: هذه الأمور ستكون حاسمة لتجنب أزمة خطيرة خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، بحسب جهاد يازجي، مؤسس ورئيس تحرير تقرير سوريا، النشرة الاقتصادية المتخصصة في الشأن السوري.

 

بعد شهرين من انهيار نظام الأسد، يسود الارتياح في دمشق. اختفت صور الأسد من الدعاية المنتشرة في أنحاء المدينة، وأفرغت السجون، وأصبح بإمكان العائلات أخيرًا البحث علنًا عن أحبائها الذين كانوا في عداد المفقودين. لكن الضغوط على المواطنين العاديين هائلة.

 

من أين تبدأ؟ قال عمر قنات، 24 عامًا، وهو يمسك بهاتفه الذي لا يتوقف عن استقبال رسائل حول مخاوف وأوضاع الأصدقاء في جميع أنحاء البلاد. أسعار الغذاء، البطالة، الأسئلة حول مصير المعتقلين.. لدينا الكثير من الآمال والمخاوف، من الصعب معرفة كيف نشعر الآن.

 

اقتصاد سوريا.. في أسوأ حالاته

 

خلال الحرب الأهلية، انكمش الاقتصاد السوري بنسبة 85%، وفقًا للبنك الدولي. أكثر من 80% من السوريين يعيشون الآن تحت خط الفقر.

  • قبل الحرب، كان سعر صرف الليرة السورية 47 ليرة مقابل الدولار. عشية سقوط النظام، وصل السعر إلى 14,000 ليرة للدولار الواحد.
  • تراجع الراتب الشهري للطبيب إلى ما يعادل 25 دولارًافقط – أي كومة من الأوراق النقدية بارتفاع بضع بوصات.

 

إجراءات حكومية أولية

 

  • في يناير الماضي، أعلن وزير المالية الجديد محمد أبازيد أن الحكومة ستزيد رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 400%، لكن مدى تنفيذ هذا الوعد لا يزال غير واضح.
  • تم رفع حظر تداول العملات الأجنبية، وتوحيد الرسوم الجمركية، مما أدى إلى تدفق الدولار إلى السوق وانخفاض أسعار المواد الغذائية الأساسية.

 

في ظل حكم الأسد، كان حيازة الدولار بمثابة دليل على التآمر ضد النظام، حيث عُثر على نسخ مصورة من الأوراق النقدية الأميركية داخل ملفات استخباراتية لآلاف السوريين الذين تعرضوا للتعذيب والقتل. الآن، أصبح تداول الدولار علنيًا، مع تنافس محلات العصائر، والفنادق، والمكاتب المالية على تجارة الصرف.

 

من المريح فقط أن أمسكها، قال أحمد إبراهيم، 28 عامًا، وهو يفرك ورقة نقدية من فئة 100 دولار بين أصابعه. ليست مجرد ورقة نقدية، إنها رمز للاستقرار يجعلني أعتقد أن الأمور قد تتحسن.

 

التحدي الأكبر: قطاع عام متضخم وفاسد

 

إرث الفساد الإداري والتوظيف الوهمي في عهد الأسد جعل القطاع العام مثقلًا بالرواتب لموظفين لا يعملون فعليًا. أظهرت مراجعة حكومية أن 300,000  موظف يتقاضون رواتب دون أداء أي عمل.

 

  • بدأ تسريح الموظفين غير الفاعلين، مما أدى إلى احتجاجات صغيرة أمام الوزارات والبنوك.
  • خارج المصرف العقاريفي دمشق، وقف العشرات من الموظفين المسرحين يحملون لافتات احتجاجية. لم يقدموا لنا سببًا، فقط طُردنا.

 

البحث عن رؤية مستقبلية

 

حتى الآن، لم تقدم الحكومة المؤقتة رؤية سياسية واضحة، مما زاد القلق بشأن الاتجاه الذي قد تسلكه البلاد.

  • تعرض الشرع لانتقادات بسبب تشكيل حكومة مؤقتة لاتعكس التنوع الديني والثقافي للبلاد، وتمركز القرار في دائرة ضيقة.
  • كانوا بحاجة إلى شيء سريع، ففضلوا السرعة على التمثيل، قالت دارين خليفة، مستشارة في مجموعة الأزمات الدولية. لكن هذا قد ينجح في مناطق محدودة، وليس على مستوى البلاد.

 

العقوبات الأوروبية: إمكانية التخفيف بشروط

 

  • الأسبوع الماضي، قال مسؤولون في الاتحاد الأوروبيإن إحراز تقدم سياسي قد يؤدي إلى رفع بعض العقوبات.
  • لدينا خريطة طريق، وإذا رأينا خطوات في الاتجاه الصحيح، فسنكون مستعدين لتخفيف العقوبات القادمة، قالت كاجا كالاس، رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.

 

البحث عن الشرعية الدولية

 

الحكومة المؤقتة تكثف اتصالاتها الخارجية، من لقاءات الشرع مع المسؤولين الغربيين في دمشق، إلى زياراته للسعودية وتركيا هذا الأسبوع. لكن في الداخل، لا تزال الأسئلة بلا إجابات.

 

الأولوية أصبحت للتواصل مع القوى الخارجية بدلًا من المواطنين، قال الباحث حيد حيد من معهد تشاتام هاوس. الشرع يمنح مقابلات للصحافة الدولية لشرح رؤيته، بينما في الداخل، لا أحد يعلم ماذا يخطط لهذا البلد.

 

شارك المقالة
مقالات مشابهة